وقد اتخذ الأدب المهجري منذ نشأته سمة التمرد والثورة على التراث، وكان رائده الأول- أمين الريحاني - ذا مزاج ثوري حاد، وهو صاحب أول دعوة إلى الشعر المنثور في الأدب العربي، ومن أشد المتحمسين له، وكان الرائد الثاني - جبران خليل جبران - ثورة عارمة على المقاييس اللغوية والشعرية التراثية كلها. وكان ميخائيل نعيمة - فيلسوف الحركة المهجرية وناقدها الأول - يدعو إلى تغييرات مهمة في مفهوم الأدب ووظيفته، وقد سجل معظم المبادئ التي دعا إليها المهجريون في كتابه النقدي "الغربال"، أما إيليا أبو ماضي فقد آثر أن يكون تجديده عمليا، يطبقه في قصائده المتوالية دونما ضجة.
وقد أدخل المهجريون - ولا سيما الرواد - إلى الشعر العربي ونقده عدة مفهومات جديدة، ووجهوا محتوى الشعر وجهة جديدة، وتركوا في أسلوبه بصمات خاصة، أثرت في جيل ما بين الحربين في المهجر وفي البلاد العربية.
وكان تجديدهم في موضوعات الشعر أقوى من أي تجديد آخر، فقد ثاروا. على الموضوعات التقليدية الصلدة كالمديح والهجاء والنسيب، واتجهوا إلى استبطان النفس البشرية وكشف صراعاتها الداخلية، والتأمل العميق في الكون والحياة وتوثيق الصلة بالطبيعة، والتفكير من خلالها، وتحايلوا على أشد الموضوعات الفلسفية صلابة فصبغوها بلون شعري، كقضايا الموت والخلود والروح، ونمت في قصائدهم نزعة إنسانية قوية، تدافع بضراوة عن حقوق الإنسان، وتنشد العدالة المطلقة، وتدعو إلى المحبة. كما ظهرت في أشعارهم الروابط الأسرية، ومن الطبيعي أن تظهر وتشتد، فالغربة والحنين إلى الوطن ومن فيه يجعلان أوهن الروابط قوياً متيناً، لذلك كانت الغربة والحنين المحورين اللذين تلتقي عندهما قصائد المهجريين بعامة.