للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتط رف في هجومه على موسيقى الشعر العربي، فعد الزحافات والعلل أوبئة تصيب القصيدة، ولم يحسبها تنويعا موسيقيا يثري نغمها، فقال: "والزحافات والعلل أوبئة تتنزل بأوزان الشعر العربي فتحرك ساكنا أو تسكن متحركا، وتقضم حرفا هنا ومقطعا هناك، وقد عني بها الخليل عناية خاصة، فأعطى لكل منها اسما ورتبها في أبواب وفصول، وهي أكثر عدا من خطاياي! " [٢٣] .

غير أن نعيمة يناقض نفسه في قضية الوزن، فهو يهاجمه في مكان من غرباله ويشيد به في مكان آخر منه، فيقول مبينا أهميته وأثره في تنسيق موسيقى الشعر: "الوزن والتناسب أخوان لا ينفصلان، والشاعر الذي يعانق روحه روح الكون يدرك هذه الحقيقة أكثر من سواه. لذلك نراه يصوغ أفكاره وعواطفه في كلام موزون منتظم. الوزن ضروري، أما القافية فليست من ضروريات الشعر لاسيما إذا كانت كالقافية العربية بروي واحد يلزمها في كل القصيدة" [٢٤] .

وبذلك يتراجع عن رأيه السابق الذي يجعل الوزن كالنقوش في المعابد لا قيمة لها، ويقترب من الديوانيين الذين يتمسكون بالوزن ويتساهلون في أمر القافية.

وقد قام الباحث شفيع السيد بدراسة شعر نعيمة دراسة مستفيضة، وتوصل إلى أن نعيمة الشاعر غير نعيمة الناقد، فهو لا يطبق دعوته النقدية في شعره، ولا يتخلى عن الأوزان الخليلية [٢٥] ، وكل ما فعله هو الخروج على ما أثر عن العرب في الزحافات والعلل، وعمل تشكيلات موسيقية جديدة لا تخرج عن الوحدة النغمية القديمة، كما أنه استغل إطار الموشح استغلالا كبيرا.

كذلك فعل جبران خليل جبران، وإيليا أبو ماضي، ونسيب عريضة، وسائر المجددين من شعراء المهجر [٢٦] .