وبوجه عام لم تخرج موسيقى القصيدة المهجرية عن الأسس التي يقوم عليها نظام الموشح من حيث التزام التماثل التام في الوزن والقافية بين المقاطع، فالمقطع في القصيدة المهجرية يقوم مقام البيت في القصيدة التقليدية وفي الموشح معا. الأمر الذي يجعل الباحثين يجزمون بأن هذه الظواهر امتداد لما جاءت به الموشحات الأندلسية، فهم كما يقول عنهم عيسى الناعوري: وجدوا الطريق أمامهم مشقوقة وليس عليهم إلا أن يطوروها التطور الذي يقتضيه الفن الرفيع، ويبلغ بها المرحلة التي تجعل من الشعر رفيقا للنفس وتصويرا للإحساس، ولكن وعلى الرغم من ارتباطهم بأنظمة الموشحات فثمة أنغام خاصة في موسيقاهم الشعرية، وصلوا إليها بتفننهم في نغم الموشح، وخروجهم على نظامه الرتيب. كما أنهم مع اعتمادهم على نظام المقطوعة، أحدثوا تنويعات موسيقية في قصائدهم، فقد تكون هذه المقطوعة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية أو خماسية غير أن هناك تنويعاً داخل الثنائية أو الثلاثية في بعض الأحيان [٢٧] .
وفي ميدان اللغة، كانت ثورة المهجريين عارمة في التنظير، ومحدودة في التطبيق. فقد دعا ميخائيل نعيمة إلى تطوير اللغة، وفتح الباب أمام الشعراء والأدباء ليدخلوا الكلمات التي يرونها دون عائق. وهاجم بعنف أحد النقاد المصريين لأن هذا الناقد أخذ على جبران استخدامه كلمة (تحمم) مكان استحم، ورفض الاحتكام إلى القواميس، وجعل ذوق الشاعر الحكم الفيصل في هذه القضايا قال:"لماذا جاز لبدوي لا أعرفه ولا تعرفونه أن يجعلها تحمم، ولا يجوز لشاعر أعرفه وتعرفونه أن يجعلها تحمم؟ وأنتم تفهمون قصده، بل تفهمون تحمم قبل استحم"[٢٨] .