وقد سار شعراء جماعة أبولو المجددون في ركب الديوانيين، وقدموا الصورة التطبيقية الناجحة لدعوتهم، فاهتموا بتناسق الشكل والمضمون في العمل الشعري، وعنوا بالوحدة العضوية عناية خاصة، حتى أننا لنرى هذه الوحدة تنتظم معظم شعرهم، وسعوا إلى التجديد في موسيقى الشعر، فتابعوا عبد الرحمن شكري في تلوين القافية وإرسالها، وكتبوا الشعر المرسل، والمتعدد القافية، فضلا عن الشعر المقفى، ثم اندفعوا خطوة أبعد من ذلك ودعوا إلى الشعر الحر.
ومن المفيد أن نتوقف هنيهة عند الشعر الحر الذي دعوا إليه لتداخله - في الاصطلاح - مع الشعر الحر الذي دعت إليه نازك الملائكة فيما بعد.
الشعر الحر - كما نظمه بعض شعراء جماعة أبولو - شعر يخرج في تشكيله الموسيقي عن قواعد العروض في شيئين: الأول أنه يجمع بين بحور مختلفة في قصيدة واحدة، بحيث يمكن أن يكون كل بيت على وزن يختلف عن وزن البيت الذي يجاوره، ولكنه لا يخرج على الأوزان الخليلية المقررة، بل يلتزم بها التزاما تاما في البيت الواحد على الأقل.
والثاني أنه يتحرر من القافية تحريرا تاما. فلا تجد في القصيدة أية قافية تربط بين الأبيات. ومثال هذا الشعر قول الدكتور أحمد زكي أبو شادي في قصيدته "مناظرة وحنان"حيث يقول [٣٣] :
وجلسن بين تناظر متأملات في المرائي
فلم التناظر
الحسن وحدته تجل وإن تنوع أو تباين
فله الجلالة
وللمحبين أشواق وتقديس
هيهات يحصرها داع إلى حصر
فالحسن سلطان والجوهر الأسنى
لا قسمة المظهر
مهما ازدهى وغلا
وكأنما الأزهار وقد حنن إلى التناظر
ويعد هذا اللون من الشعر أول محاولة لكتابة الشعر الحر بإيقاع شعري لا نثري، إذ أن محاولة أمين الريحاني في الشعر المنثور لم تكن تهتم بالوزن على الإِطلاق.