وقد تبنى هذه الدعوة الدكتور أحمد زكي أبو شادي، ودافع عنها بحماسة فائقة. ويرى الباحث س. موريه أن أبا شادي استقى فنية الشعر الحر من الشاعر "الجرنون تشارلز سونيرن" وأن دفاعه عن هذا النمط في وجه منتقديه مقتبس من كتاب "هاربيت مونور"(الشعراء وفن الشعر) حيث ناقشت المؤلفة حركة الشعر الحر في إنكلترا وأمريكا، وأن بعض عباراته منقولة عنها كلمة بكلمة [٣٤]
لكن أبا شادي - كما يقول موريه - لم يصل في قصائده الحرة إلى تلك التكتيكات الخفية التي يتقنها الشعراء الغربيون أمثال: أزرا باوند وهيلدا دولتيل وريتشارد الدينجتون، وبخاصة ما يتعلق باختيار البحور المناسبة للتجربة، وطريقة استخدامها، وتنويعها في القصيدة بتوقيت دقيق حسب تغير الحالة الشعورية، مع إضافة مجموعة من الحيل الموسيقية المعوضة عن فقدان القافية وتغير الوزن [٣٥] .
لذا لم تكن قصائده نموذجا يشجع جمهور الشعراء على احتذائه، كما لم يكن أنصاره كثيرين، فقد كانت الاستجابة لدعوته محدودة، لا تجاوز عددا من شعراء جماعة أبولو، في حين رفضها معظم الشعراء والنقاد. أما أبوشادي نفسه فقد دافع عن دعوته بحرارة، وعدها تحديثا للشعر العربي يساعده على الانتقال من الغنائية إلى الدرامية، وهاجم خصمه، وعلل إعراضهم عن دعوته بجهلهم، أو بسبب خصومة شخصية، قال: وإني إذا عذرت من لا يقدِّرون قيمة الشعر الحر والشعر المرسل وتنويع الأوزان والابتداع فيها، وأثر كل ذلك في تحرير التعابير الشعرية من القيود الثقيلة، ودفعها حرة لتكون للأدب العربي شعرا دراميا قويا بعد أن حرم من ذلك طويلا في ماضيه، إذا عذرت هؤلاء، فإني لا أعذر من يجازفون بأحكامهم تبعا للمحبة والكراهية [٣٦]