للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا جاوزنا الشعر الحر باحثين عن جوانب أخرى لحداثة جماعة أبولو فلن نعثر على كثير. ذلك أن هذه الجماعة لم تخرج في أهدافها عن الأسس العامة التي وضعها الديوانيون، ولم تضف جديدا إلى دعوتهم، فضلا عن تباين اتجاهات شعرائها، وقد عدها الدكتور محمد مندور صورة مكررة للديوانيين، فقال: إننا لا نستطيع أن نحدد لهذه المدرسة - ولأبي شادي رائدها خاصة - مذهبا محددا من مذاهب الشعر التي عرفها الأوربيون، كالرومانسية أو الواقعية أو الرمزية، وإنما الذي يتفقون عليه هو نفسه ما اتفقت عليه جماعة الديوان من قبل أي: الدعوة للتجديد والتحرر من التقاليد العربية التي تحجرت [٣٧] .

ويرجع الفضل إلى أبي شادي في تعميق الرغبة في الحداثة عند عدد من شعراء جماعة أبولو، فهو الذي تولى النقد والتوجيه على صفحات مجلتها، معتمدا على ثقافته الواسعة واتصاله الوثيق بالأدب الإنجليزي.

والملحوظ أن ثقافة أبي شادي تشبه ثقافة الديوانيين، ولعل هذا سر تشابه دعوته مع دعوة الديوانيين، فقد استقى من المنابع التي وردوها، وتأثر بمنهجهم في النقد.

وهكذا يجتمع دعاة التجديد من شعراء جماعة أبولو مع الديوانيين، ومع المهجريين، للعمل على "تحديث الشعر العربي"ومضمون هذا التحديث هو: إدخال عدد من مبادىء الرومانسية الغربية إلى الشعر العربي ونقده، فهؤلاء الشعراء - ابتداء بخليل مطران وانتهاء بعلي محمود طه - اطلعوا بنسب متفاوتة على الأدب الغربي، وأعجبوا بالشعر الرومانسي ونقده، وأسهموا في ترجمة الآثار الأدبية الرومانسية إلى الأدب العربي، وكتبوا المقالات للتعريف بالرومانسية وأدبائها، وطبقوا عددا من مبادئها الرئيسة في أشعارهم.

نخلص من ذلك كله إلى القول: إن قضية الحداثة قد نمت عند "الرومانسيين العرب": الديوانيين والمهجريين وجماعة أبولو، وان مفهومها الأساسي هو: الاستفادة من بعض القيم الفنية في الشعر الغربي ونقده.