يرجح موريه أن يكون الزهاوي قد تأثر بمقدمة سليمان البستاني لترجمة "الإلياذة"والتي قارن فيها بين الشعر العربي والشعر الغربي، وعرض الأشكال المختلفة للعروض الغربي، بما فيها الشعر المرسل [٥٥] . والجدير بالذكر أن دعوة الزهاوي لم تنتشر في بيئة الشعر العراقية، لأن الشعر المرسل الذي كتبه ضعيف لم يشد إليه الجمهور أو النقاد. فيما عدا ذلك لا نجد للزهاوي اتصالا مباشرا بعالم الحداثة في الشعر العربي. رغم أنه عاصر حركتي الديوانيين والمهجريين، وقرأ شيئا من كتابات أعلامها، وكتب يرحب بهم فقال:"أما الذين يزفون الشعر إلى الأسماع عربيا في زي عصري، أو أنهم حذوا حذو الإفرنج في الابتكارات أو الإحسان في العرض والوصف والاستبعاد عن المبالغات، وأفرغوا معانيهم في قالب عربي، وحوروا الشعر الأفرنجي حتى جعلوه موافقا للشعر العربي، وحافظوا على الأسلوب العربي بتمامه متفرقين في أمريكا ومصر، فهؤلاء يكسبون الشعر رونقا فوق رونقه، وثراء فوق ثرائه"[٥٦] . وعلى الرغم من قوله هذا فإنه لم يتزحزح عن موقفه الاتباعي.
ويبدو أن الاتباعية كانت ثابتة الأقدام في البيئة العراقية، فقد ظلت مسيطرة على ساحات الشعر حتى الحرب العالمية الثانية، وهاجم أعلامها حركات التجديد واتهموها بالتغريب، فكتب الرصافي يقول:"نعم إن هنالك فريقا من أهل الأدب يدعون إلى التجديد في الشعر، وكلما حاولت أن أفهم معنى صحيحا للتجديد الذي يدعون إليه، لم أستطع، ولم أفهم ماذا يريدون من التجديد، ثم قرَّ رأيي على ما استنتجته من أقاويلهم: إن التجديد هو تقليد الغربيين في شعرهم وأدبهم مع أن هذا الشعر هو الوحيد الذي يستحيل فيه التقليد"[٥٧]