للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعندما اضطر هولاكو للعودة إلى الشرق مستخلفا على معظم جيشه قائده كتبغا المشهور بميله للنصارى [٣٧] لإكمال مهمته في اجتياح بلاد الشام ومصر، قام هيثيوم الأول ملك أرمينية الصغرى وصهره بوهيمند السادس أمير أنطاكية وطرابلس بمرافقته، ودخلا معه مدينة دمشق، وطلبا منه أن يغلق مساجدها وأن يحول بعضها إلى كنائس، فأجابها إلى طلبهما رغم استعطاف المسلمين [٣٨] .

وتحمس نصارى الشام لهذه الحملة حتى ظنوا أنهم إنما يقومون بدعم حملة صليبية جديدة، فعندما أقبل المغول إلى دمشق نظم النصارى في طرقهم المواكب الكبيرة، وأخذوا يرتلون التراتيل النصرانية، واستطالوا على المسلمين، حتى وصف أبو الفداء ذلك فقال: "واستطالوا على المسلمين بدق النواقيس وإدخال الخمر في الجامع الأموي" [٣٩] وروى المقريزي في حوادث سنة ٦٥٨هـ ما نصه "استطال النصارى بدمشق على المسلمين، وأحضروا فرمانا من هولاكو بأمرهم وإقامة دينهم، فتظاهروا بالخمر في نهار رمضان، ورشوه على ثياب المسلمين في الطرقات، وصبوه على أبواب المساجد، وأمروا أصحاب الحوانيت بالقيام إذا مروا بالصليب عليهم. وأهانوا من امتنع عن القيام للصليب، وصاروا يمرون به في الشوارع إلى كنيسة مريم، ويخطبون في الثناء على دينهم وقالوا جهرا: ظهر الدين الصحيح دين المسيح. فقلق المسلمون من ذلك وشكوا أمرهم إلى كتبغا، فأهانهم وضرب بعضهم، وعظم قدر قسوس النصارى. ونزل إلى كنائسهم وأقام شعائرهم [٤٠] ".

وفي عام ٦٥٩هـ (١٢٦٠م) جهز الظاهر بيبرس جيشا لطرد المغول من حلب، وعندما وصل الجيش إلى غزة، كتب الفرنجة إلى المغول يحذرونهم فرحلوا عنها مسرعين [٤١] .

الإيلخان أباقا (ابغاخان) بن هولاكو: ٦٦٥- ٦٨١هـ (١٢٦٥- ١٢٨٢م)