للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ذكر المؤلف الآية الكريمة: {وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .

مستدلا بها على تباين الكائنات الحية:

فالحيوان لا يأكل إلا النبات، وبعضه لا يأكل إلا اللحوم، فالله سبحانه وتعالى قد أعطى كل نوع من ذلك خلقه، وهداه إلى سبيل معين، ونهج خاص في سلوكه.. وقد يقحم الجاهل على حياة بعض النبات أو الحيوان مالا يلائمه مما يظن أنه أعود عليه بالنفع فيضنيه ويسقمه، وقد يقتله، والناس في ذلك - ككل خلق الله - طوائف وأمم يتمايزون في الطبائع والأمزجة، وفي غذاء الأبدان والأرواح والعقول، وقد يقتل بعض جماعاتهم ما تصح به جماعة أخرى.

وأقوال: إن هذه معايير لم يعرها نفر من هؤلاء الأفاضل الذين يدعون بحرارة عاطفة هوجاء إلى أنواع من الأدب اعتبرها تجديدا وحرروها من عبودية مزعومة، بينما هي في الحقيقة لا تلامس وجداننا إلا بقدر ما يصلح العشب الأخضر أن يكون غذاء للأسد استعاضة عن اللحم..!

وكنت ذات يوم عند أحد الأصدقاء المجددين فأدار مفتاح الراديو فإذا هو فجأة يلتقي بإذاعة من إذاعات الروم - الأفرنج - وبعد أن انتهى ((العلج)) من قراءة أخباره على ما يظهر سمعت صوتا شككت في بادئ الأمر أنه صوت إحدى ((الدركترات)) وهي تهد الصخور هدا.. بينما صديقي ظاهرة عليه إمارات الطرب والسرور، فلما أحس بما تعانيه طبلة أذني من وقع قضبان الدركترات على الصخر، قال مستنكرا: ألا تطرب للسمفونيات العالمية!.

على أنني أشاطر الدكتور الفاضل الرأي إذ يقول: ".. والمهم في ذلك كله أن يكون الاقتباس والتطور على كل حال بالقدر الذي لا ينقلنا عن جبلتنا، ولا يغير حقيقتنا، ولا يقطع صلتنا بالماضي".