للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأساليب الشاعر التي تسهم في بحث المعاني الهامدة عديدة: منها الدعاء في قوله:

م إزاءٍ لا طاب عيشى إزاء

٣ - رب ممشى منها إلينا على رغـ

والاستغاثة في قوله:

يا لقومي دمي على حمّاء

٨ - ثم صدّت لقول حمّاء فينا

وفي الدعاء على الرقيب أو الواشي محتوىً نفسي كبير: مكابدة ذاتية أو ضيق يعانيه الشاعر ممن يرقبه ويفسد عليه صفاء وصاله، فاستحق الرقيب أن يُدْعى عليه بمثل ما جنى. وليست الجدّة في تركيب الدعاء الثابت الإطار وحده ولكن في مادة المضمون الموافقة للموقف أيضاً: "لا طاب عيشي إزاء".

ولو أن تركيب الاستغاثة في البيت عراه تعديل طفيف لخبا الإيحاء المعنوي الواسع الطيف: إنه استعدى قومه "يا لقومي دمي على حماء"- وههنا جوهر الفن: فلو استعدى فرداً: صديقاً أو قريبًا، لكان محتوى الاستغاثة غير مليء ولا مشع، ولكن الاستغاثة بقومه جميعاً، يحملّهم عبء دمه المراق أحيت تلك الصورة الجماعية التاريخية الصاخبة، صورة القبيلة قاطبة يستفزها الصريخ على نبأة الثأر، فتهب بالضجيج والعجيج والغضب.

فأي حدث خطير، وأي ضحية بريئة، وأي هول مشتعل ينشره تركيب الاستغاثة بمضمونه هذا

إنها الأساليب التي بها ينفخ الشاعر العبقري روح الحياة والجدّة في المعاني واللغة!

(١١) الخيال:

عدد الصور الخيالية في القصيدة دون عدد نصف أبياتها، أكثرها التشبيه وأقلها الاستعارة، ولا تخلو من الكنايات. والفحص المدقق لمفردات تلك الصور يهدي إلى مصادرها فهي من الموروث الشائع قديمه وحديثه، والاستعارة في قوله:

لملم والداء قبل الدواء

٢ - إن في عينها دواء وداء