أما في بلاد الشام، فكان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه والياً عليه منذ أيام عمر بن الخطاب، فلما نظر عليّ في أمر الولاة على البلدان قيل إن عبد الله بن عباس والحسن بن عليّ والمغيرة بن شعبة الثقفي كل منهم أشار على عليّ بن أبي طالب أن يُقِرَّ من كان على الولايات من العمال وبخاصة معاوية بن أبي سفيان فلا يعزلهم، فإذا بايع الناس وأتته طاعتهم أقر من شاء واستبدل بمن شاء، وقيل إن عليّ بن أبي طالب أبدى مخاوفه من أن معاوية سيحترز بأخذ المواثيق والعهود عليه لا يعزله، فلما بلغ معاوية ذلك حلف أن لا يلي لعليّ ولا يبايعه ولا يقدم عليه [١٣] ، وقيل إن عليّ بن أبي طالب عزل معاوية بإشارة أكثر أمرائه عليه ولكن عزله لم يستقم [١٤] .
والمعلوم أن الولاة من عهد عثمان بن عفان كانوا من أسباب الشكوى والتذمر، وقد يكون عزلهم جاء اقتضاء للأجواء السياسية التي كانت تسيطر على المدينة وضروراتها، وقد يكون قول من قال إنه أشير على عليّ بألا يعزل معاوية، قد يكون ذلك القول جاء تالياً من باب أنه لو لم يعزل عليّ معاوية ما خالفه معاوية ولا اعترض عليه، وهو على آية حال اتهام لمعاوية بأن خلافه مع عليّ كان غضباً للإمارة فحسب.
واتهام معاوية بالحرص على الإمارة فحسبْ في خلافه مع عليّ يَردُ في رواية يحيى ابن سليمان الجعفي [١٥] بإسناد له قال: إن معاوية قال لجرير البجلي لما قدم علَيه رسولا بعد محاولة طويلة، أكتب إلى عليّ أن يجعل لي الشام، وأنا أبايع له ما عاش، فكتب بذلك إلى علي، ففشا كتابه، فكتب إليه الوليد بن عقبة: