وقيل كتب عليّ مع جرير البجلي إلى معاوية، فإن بيعتي لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوا عليه، فلم يكن لشاهد يختار ولا لغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فإذا اجتمعوا على رجل وسموه إماما كان ذلك رضا، فإن خرج من أمرهم خارج بطَعْنِ أو رغبة ردّوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على إتباعه غير سبيل المؤمنين، ووصفَ عليَ بن أبي طالب تعليق معاوية البيعة على تسليم القتلى إليه بأنها خدعة الصبي عن اللبن [١٩] .
وذكرت بعض الروايات أن معاوية بن أبي سفيان، طلب إضافة إلى تسليم القتلة إليه أن يكون الأمر شورى، ذكر ابن شهاب الزهري أن معاوية دعا أهل الشام بعد حرب الجمل إلى قتال عليّ على الشورى والطلب بدم عثمان، فبايعوه أميراً غير خليفة [٢٠] .
وذكر أبو مخنف أن وفد معاوية برئاسة حبيب بن مسلمة الفهري إلى عليّ بن أبي طالب في صفين طلب إليه أن يدفع قتلة عثمان إليهم وأن يعتزل أمر الناس فيكون شورى بينهم [٢١] .
ولا يبعد أن يكون ذلك صحيحاً، فهو يتفق مع امتناع معاوية بن أبي سفيان عن البيعة لعليّ من جهة، ويتفق مع الدعوة إلى حق أهل الشام في المشاركة في اختيار الخليفة من جهة أخرى، فلما كتب عليّ إلى معاوية بخصوص أهل الشورى، وذكر أنها إنما تكون للمهاجرين والأنصار أجابه معاوية، فما بال من هاهنا، أي في بلاد الشام، من المهاجرين والأنصار لم يدخلوا في الأمر [٢٢] . ويبدو أن الدعوة إلى جعل الأمر شورى جاءت نتيجة للتطورات التي تمثلت بخروج من خرج على عليّ بن أبي طالب من الصحابة.