وقيل إن عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لكعب بن سور قاضي البصرة، خلّ عن البعير وتقدم بكتاب الله عز وجل فادفعهم إليه ودفعت إليه مصحفاً [٣١] .
وقيل لما اشتد القتال في الجمل قام رجل من عبد القيس قال: ندعوكم إلى كتاب الله عز وجل [٣٢] .
وفي صفين اشتدت الحرب دون أن ينتصف فريق على الآخر، وكان أصحاب علي ينكشفون مرة ويزول أصحاب معاوية عن مواقعهم مرة أخرى [٣٣] .
وروى أبو مخنف أنه لما كتبت صحيفة التحكيم، أبى الأشتر أن يكتب اسمه في الشهود عليها وقال: لا صحبتني يميني ولا نفعتني بعدها شمالي إن خطّ لي في هذه الصحيفة اسم على صلح ولا موادعة، أولست على بينة من ربى، ومن ضلال عدوى، أو لستم قد رأيتم الظفر لو لم تجمعوا على الجور، فقال له الأشعث بن قيس: إنك والله ما رأيت ظفراً ولا جورا، هلم إلينا فإنه لا رغبة بك عنا [٣٤] .
ورفع المصاحف من جانب أصحاب معاوية دون أصحاب علي كان مظنة القول برجحان كفة علي، وأن رفع المصاحف كانت خدعة دبرها أصحاب معاوية.
كان جانب علي بن أبي طالب يمثل الدولة، وكان عليّ قال لمعاوية قبل نشوب القتال: حاكم القوم إليّ أحملك وإياهم على ما في كتاب الله وسنة نبيه، وفشلت المفاوضات ومحاولات الصلح ووقعت الحرب بين الجانبين ظنا منهما أن يكون لأحدهما الاقتدار على الآخر فينفذ ما يرى من حكم الله في الأمر ولذلك لم يكن من المأمول أن تقوم الدولة برفع المصاحف ودعوة أصحاب معاوية إلى تحكيم كتاب الله مرة أخرى وهي لم تبلغ حد الاقتدار، ولكن رفع المصاحف من جانب معاوية والدعوة إلى تحكيم كتاب الله يعنى أنهم رجعوا إلى ما دعوا إليه واستجابوا [٣٥] .