كان علي بن أبي طالب يرى أنه أحق الناس بالخلافة، فلما بايعه من بالمدينة قبلها خشية على الدين كما قال، ومخافة أن يرجع الناس إلى أمصارهم ولم يقم بعد عثمان قائم فيقع الاختلاف والفساد [١٦٨] ، ولم ير لنفسه أن يتنحّى عن حمل المسؤولية أو يفرط بالأمر، ورأى أن يقاتل بمن أطاعه من خالفه [١٦٩] ، وسار على هذه السياسة مع خصومه في الجمل وصفين والنهروان وغيرها، ولكن النتائج آلت إلى غير ما كان يهوى وتنغصت عليه الأمور، وانكسر عليه رأيه [١٧٠] ، فلم حدث ذلك؟.
كان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وعائشة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم قد خرجوا بعد استخلاف علي إلى البصرة من غير مشورة علي ورضاه يطلبون بدم عثمان وإصلاح الأمر [١٧١] ، وقيل لما سأل علي بن أبي طالب سعد بن أبي وقاص أن يقاتل معه، قال له سعد: قد كان ما بلغك فأعطني سيفا يعرف المسلم من الكافر حتى أقاتل به معك، وقال له عبد الله بن عمر: أنشدك الله أن تحملني على مالا أعرف، وقال له محمد بن مسلمة: إن رسول الله أمرني أن أقاتل بسيفي ما قوتل به المشركون، فإذا قوتل أهل الصلاة أضرب به صخر أحد حتى ينكسر وقد كسرته بالأمس، وقال أسامة بن زيد: أعفني من الخروج في هذا الوجه فإني عاهدت الله ألا أقاتل من يشهد أن لا إله إلا الله [١٧٢] . وقيل لزم أكثر أهل بدر بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم [١٧٣] .