فالوحي المتلو: القرآن الكريم، والمروي- أو غير المتلو- الأحاديث القدسية والنبوية لما سبق أنه {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} إلا أن الوحي المتلو يختلف عن غير المتلو في كيفية الوحي وأسلوبه، وقد ذكر ابن القيم [٤٣] لمراتب الوحي وطرقه أقساما سبعة، نسردها كالتالي:
- وهي: إحداها الرؤيا الصادقة وكانت مبدأ وَحيه صلى الله عليه وسلم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
"قلت: وقد عنون إمام المحدثين أبو عبد الله البخاري في أول باب من كتابه الجامع الصحيح بقوله باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر تحت الباب حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ... ".
الثانية: ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب لا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته"[٤٤] .
الثالثة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل له الملك رجلاً، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له، وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً [٤٥] .
الرابعة: أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس، وكان أشده عليه فيتلبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد [٤٦] وحتى إن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها [٤٧] .
ولقد جاءه الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت ترضها [٤٨] .
الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك في سورة النجم (آية ٧، ١٣)[٤٩] .