للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانياً: أن المعروف عن عثمان في دقته وكمال ضبطه وتحريه يجعل صدور أمثال هاتين الروايتين من المستحيل عليه. انظر ما سبق من دستوره في جمع القرآن. ثم انظر ما أخرجه أبو عبيد عن عبد الرحمن بن هانئ مولى عثمان قال: كنت عند عثمان وهم يعرضون المصاحف فأرسلني بكتف شاة إلى أبي بن كعب فيها {لَمْ يَتَسَنْ} وفيها {لا تَبْدِيلَ لِلْخَلْقِ} وفيها {فَأمْهِلِ الكَافِرينَ} فدعا بدواة فمحا أحد اللامين وكتب {لِخَلْقِ الله} ومحا {فَأمْهِلِ} وكتب {فَمَهِّلِ} وكتب {لَمْ يَتَسَنَّهْ} فألحق فيها الهاء.

قال ابن الأنباري: "فكيف يدعى عليه أنه رأى فساداً فأمضاه؟ وهو يوقف على ما يكتب ويرفع الخلاف الواقع من الناسخين فيه، فيحكم بالحق ويلزمهم إثبات الصواب وتخليده". اهـ.

ثالثاً: على فرض صحة ما ذكر يمكن أن نؤوله بما يتفق والصحيح المتواتر عن عثمان في نسخ المصاحف وجمع القرآن، ومن نهاية التثبت والدقة والضبط.

وذلك بأن يراد بكلمة ((لحنا)) في الروايتين المذكورتين قراءة ولغة. والمعنى أن في القرآن ورسم مصحفه وجها في القراءة لا تلين به ألسنة العرب جميعاً، ولكنها لا تلبث أن تلين به ألسنتهم جميعاً بالمران وكثرة تلاوة القرآن بهذا الوجه. وقد ضرب بعض أجلاء العلماء لذلك مثلا كلمة (الصراط) بالصاد المبدلة من السين فتقرأ العرب بالصاد عملاً بالرسم، والسين عملا بالأصل. اهـ.