للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما أ. د. عبد الفتاح شلبي فقد قال في الملحق الرابع من كتابه الموسوم ((رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم ودوافعها ودفعها)) : "وأرجو أن أدفع في هذا الملحق بعض الشبهات التي أثارها المغرضون حول كتابة المصحف، واتخذوها دليلا لهم على وقوع اللحن في القرآن، ووسيلة إلى الطعن في كتاب الله.. أثاروا هذا حول ما رواه سعيد بن جبير من أنه قال: في القرآن أربعة أحرف لحن {وَالصَّابئُونَ} ، {والمُقِيمِينَ} ، {فَأصَّدَّقَ وأكُنْ مِنَ الصَّالِحينَ} ، و {إن هَذَانِ لسَاَحِرَانِ} ، كما أثاروا نحو ذلك حول ما يروى من أنه ((لما فرغ من المصحف أتى به عثمان فنظر فيه قال: "قد أحسنتم، وأجملتم، أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها".

وهذه الشبهات التي أثاروها مردودة بأمور:

أولا: المعنى اللغوي لكلمة اللحن.

فاللحن: اللغة، والقراءة. قال عمر رضي الله عنه: "إنا لنرغب عن كثير من لحن أبي، يعني لغة أبي " (١) .

وكان عمر رضى الله عنه يقول: "أبي أقرأنا، وإنا لندع بعض لحنه. أي قراءته".

ثائياً: قياس العربية يصحح تلاوة هذه الكلمات بما رسمت به.

أ- فلا خطأ في قراءة {الصابئون} بالرفع كما رسمت في المصاحف فالصابئون رفع على الابتداء، وخبره محذوف، والنية به التأخير عما في حيز إن من اسمها وخبرها كأنه قيل:

إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا.. والصابئون كذلك.

وأنشد سيبويه شاهداً له:

وإلا فاعلموا أنا وأنتم

بغاة ما بقينا في شقاق

أي فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك. ومثله: فإني وقيار بها لغريب. أي. فإني لغريب وقيار بها كذلك.

ب- أما قراءة {والمقيمين} بالياء فلها وجه من سنن العربية، والتوجيه الإعرابي، فهو منصوب على المدح بتقدير: أعني المقيمين، وذلك لأن العرب تنصب على المدح عند تكرر العطف والوصف.

قالت الخرنق:

لا يبعدن قومي الذي همُ

سم العداة، وآفة الجزر

النازلون بكل معترك


(١) المصاحف: ٣٢.