عثمان الذي تولى جمع المصحف مع سائر الصحابة الأخيار، وتحرى في ذلك الدقة والأمانة وكمال الضبط، ورغبة منه في جمع الأمة على مصحف إمام، فلا يقع اختلاف في القرآن بينهم ... عثمان الذي هذا شأنه يرى في كتاب الله ثلمة فيتركها ليسدها من بعده؟
ثم، ما هذا التناقض الظاهر بين صدر النص: أحسنتم وأجملتم وآخرته: أرى فيه شيئا من لحن.. كيف يصف نساخ المصحف بالإحسان والإجمال أولا.. ثم يصف المصحف الذي نسخوه بأن فيه لحنا..؟ هل يقال للذين لحنوا في المصحف: أحسنتم وأجملتم؟ .
ألا إن مكانة عثمان.. والاضطراب بين صدر النص وعجزه كل هذا يدعونا إلى الاعتقاد بأن صدور ذلك عن عثمان أمر بعيد عنه، مدسوس عليه. اهـ.
وأقول للذين يرددون طعنة (اللحن في القرآن) من المستشرقين: (رمتني بدائها وانسلت) لقد فُضح أمرهم في التحريفات التي وقعت في التوراة والإنجيل، وهاهم يريدون أن يلحقوا القرآن الكريم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد - بكتبهم المحرفة.
وما تقدم فهو ما يتعلق ما نسب إلى عثمان رضي الله عنه.
وأما الرواية عن عائشة فقد أخرج أبو عبيد القاسم بن سلام وابن أبي داود من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: سألت عائشة عن لحن القرآن {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} ، وعن قوله {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} ، وعن قوله {وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} ، فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكُتّاب أخطأوا في الكِتاب. وقد ضعّف بعض أهل العلم هذه الرواية، لوجود أبي معاوية فيها وهو محمد بن خازم الضرير، قال الذهبي: وقال ابن خراش: يقال: "هو في الأعمش ثقة، وفي غيره فيه اضطراب"، وكذلك قال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: "هو في غير الأعمش مضطرب، لا يحفظها حفظاً جيدا. علي بن مسهر أحبّ إلي منه في الحديث". وقال الحاكم:"احتجّ به الشيخان. وقد اشتهر عنه الغلو أي غلو التشيع".