للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورب قائل إن المرجَّح كونُ الأصل هو اسم سعيدة لا سكينة، وإنما اختلط على الرواة لاتفاق وزن الاسمين.. وسواء كان الأصل ذلك أو هذا فسيظل الأمر في نطاق الكبائر، لأن المقصود بسعدي حسب تعريف الأصفهاني نفسه هي بنت الصحابي الجليل عبدا لرحمن بن عوف- ١٧/١٥٧ - أحد العشرة المبشرين بالجنة والسابقين إلى الإسلام.

فكيف إذا علمت أن مضمون هذا الغزل أبعد ما يكون عن الواقع، وبهذا يصرح المؤلف في الصفحة نفسها حين يروي ذلك الحوار بين الشاعر الفاسق وسُعدى بنت الصحابي الجليل، إذ رأت الشاعر يطوف بالبيت فأرسلت إليه: إذا فرغت فأتِنا فأتاها فقالت وقال:

- ألا أراك إلا سادرا في حرم الله!. أما تخاف الله!. ويحك إلى متى هذا السفَه؟!.

- أيْ هذه.. دعي عنك هذا. أما سمعت ما قلت فيك؟. وتلا بعض تلك الأبيات.

- أخزاك الله يا فاسق.. ما علم الله أني قلت مما قلتَ حرفا، ولكنك إنسان بَهوت..

وإنها لشهادة فاضحة من شأنها أن تهدم كل الأقاصيص الخرقاء التي تبناها صاحب (حديث الأربعاء) عن فضليات ذلك العهد، ليوهم قارئه أن إقبالهن المزعوم على مخالطة ذلك الفاجر في الخلوات ليس إلا انطلاقا مع الحرية التي منحها الإِسلام للمرأة! وما تلك لعمر الله إلا حرية السفهاء الذين لا ينظرون إلى الحياة إلا من خلال الشهوات، ولو نظر إلى أعاضيه ابن أبي ربيعة في مقاييس الإِيمان وعلى ضوء الضوابط الإسلامية لما جاوز في تفسيرها قولَ الحكيم الحليم: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ} وها هو ذا ابن أبي ربيعة يقول ما لم يفعل ويفتري الكذب على المحصنات الغافلات لِيُسهِم في إشاعة الفجور مع أعداء الإنسان والإِسلام، ثم يستيقظ ضميره النائم ذات يوم فيستغفر الله ويَشهد على نفسه بأنه لم يفعل شيئا من كل ما نسجه من هاتيك المحاورات المفتريات!!.