يخاطب فيها الرب تبارك وتعالى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكراً إياهم بنعمة استجابته دعاءهم يوم استغاثوه طالبين نصره فأغاثهم بأن أمدهم بألف من الملائكة مردفين (متتابعين) فكان في ذلك ما قوى عزائمهم، وحمى ظهورهم حتى انتصروا على عدوهم الذي يفوقهم عدداً، ويتفوق عليهم عدة.
فقد تضمنت إعلامه سبحانه وتعالى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الإمداد بالملائكة لم يكن إلا من قبيل التبشير بالنصر، والتطمين للقلوب، أما نصر الله متى أراده فإنه لا يتوقف على شيء من ذلك أبداً.
كما تضمنت الآية الإخبار بأن أي نصر يكسبه الإنسان في هذه الحياة موضوع من الله، موهوب من لدنه عز وجل، فلا يتصور وجود نصر خارج عن عطاء الله وهبته {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ومن هنا وجب أن يطلب النصر دائماً من الله تعالى إذ هو مالك النصر وواهبه، فليتوسل في الحصول على أي نصر بطاعة الله تعالى باتباع شرائعه والأخذ بسننه في خلقه، ومن أراد النصر من غير طريق الله العزيز الحكيم فإنه لا يظفر به ولا يحصل عليه مهما بذل من جهد، وأنفذ من طاقة؛ لأن الله عزيز غالب لا يمانع في شيء يريده، ولا يمتنع عنه شيء أراده، حكيم يهب النصر ويضعه في يد من يستحقه، فلا يعطي نصراً ولا يمنحه غير مستحقه، وهذا بعض ما يدل عليه قوله:{وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .