للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال البقاعي: ""لا إله إلا الله "أي انتفى انتفاءً عظيماً أن يكون معبوداً بحق غير الملك الأعظم، فإن هذا العلم هو أعظم الذكرى المنجية من أهوال الساعة، وإنما يكون علماً إذا كان نافعاً وإنما يكون نافعاً إذا كان مع الإِذعان والعمل بما تقتضيه وإلا فهو جهل صرف".

والمراد من هذه الكلمة- كما ذكرت آنفاً- معناها وتحقيقها بالعمل بمقتضاها لا مجرد لفظها فإن المنافقين كانوا يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار.

والكفار- مع جهلهم بما جاء في الكتاب والسنة- يعلمون أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة هو إفراد الله بالتعلق والكفر بما يعبد من دون الله والبراءة منه، فإنه لما قال لهم: "قولوا لا إله إلا الله"قالوا: {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ!} (١) .

فإذا عرفت أن جهال الكفار يعرفون ذلك، فالعجب ممن يدعي الإسلام وهولا يعرف من تفسير هذه الكلمة ما عرفه جهال الكفرة بل يظن أن ذلك: هو التلفظ بحروفها من غير اعتقاد القلب لشيء من المعاني، والحاذق منهم يظن أن معناها: لا يخلق ولا يرزق إلا الله. فلا خير في إنسان جهال الكفار أعلم منه بلا اله إلا الله. وبسبب هذا الجهل ضل من ضل منهم حين قلبوا حقيقة المعنى فأثبتوا الإلهية المنفية لمن نفيت عنه من المخلوقين أرباب القبور والمشاهد والأشجار والأحجار والجن وغير ذلك. فلهذا تجدهم يقولون لا إله إلا الله وهم يدعون مع الله غيره، وما ذاك إلا بسبب الجهل بمعنى لا إله إلا الله (٢) .