للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحد الأدنى للعلم بشهادة أن لا إله إلا الله العلم بمعناها بصورة إجمالية ويأتي بعد هذا الحد درجات يتفاوت الناس فيها في العلم بهذه الشهادة أعلاها البصيرة التي تكون بنسبة المعلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر. وبقدر العلم والجهل يحصل التفاضل في الإِيمان بها، إذ أن العلم يستلزم العمل فكلما زاد العلم زاد العمل، وبذلك يزداد الإيمان ومن ثم يحصل التفاضل فيه.

روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرّة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير".

وفي رواية عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم "من إيمان "مكان "من خير" (١) .

المراد بقوله "من خير"من إيمان. بدليل الرواية الأخرى.

والحديث ظاهر الدلالة بمنطوقه على تفاضل أهل الإيمان فيه وبمفهومه على زيادته ونقصانه (٢) .

وهذا التفاضل في الإيمان من أثر العلم والجهل، فكلما ازداد الإنسان علماً كان إيمانه أفضل. ويؤيد ذلك قوله تعالى: {.. إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٠٠ الآية (٣) .

قال ابن كثير: "أي إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به ... لأنه كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر" وعليه فإيمان العلماء أفضل من إيمان غيرهم.

وقوله تعالى: { ... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ} (٤) .

أشار سبحانه وتعالى- في هذه الآية- إلى أن العالم (٥) لا يستوي مع غير العالم بل بينهما تفاضل، ومن أوجه التفاضل: التفاضل في الإيمان.