وقيل إنها للجنس والمراد بغير حق أصلا لأن لام الجنس المبهم كالنكرة, ويؤيده ما في آل عمران {بِغَيْرِ حَق} (الآية٢١) , فيفيد أنه لم يكن حقا باعتقادهم أيضا, قال بهذا الآلوسي, وقال: "إنه الأظهر". وقيل: قوله {بِغَيْرِ حَق} تأكيد؛ لأن قتل النبيين لا يكون إلا بغير حق، فهو كقوله: {الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (١) , {وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْه} (٢) . وأمثاله (٣) .
القسم الثاني: الجمع بين الشيء وآلته:
كقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (٤) .
وكلِ طائر إنما يطير بجناحيه فهما آلة طيرانه التي لا يطير بدونهما فما الفائدة إذاً من ذكر الجناحين؟
قال بعضهم: "إن ذكر الجناحين للتأكيد كقَولهم: "نعجة أنثى", وكما يقال: "كلمته بفمي, ومشيت إليه برجلي".
وقيل: فائدةُ ذلك نفي توهم المجاز فإنه يقال: "طار فلان شي أمر كذا إذا أسرع فيه، وطار الفرس إذا أسرع الجريَ".
قال أبو حيان: "ألا ترىَ إلى استعارة الطائر للعمل في قوله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِه} (٥) . وقولهم: "طار لفلان كذا في القسمة: أي سهمه، وطائر السعد والنحس) , وفيه تنبيه على تصور هيئته على حالة الطيران.
واستحضار لمشاهدة هذا الفعل الغريب "فجاء ذكر الجناحين ليتمحض هذا الكلام في الطير".
ومن فوائد ذكر الجناحين زيادةُ التعميم والإحاطة كأنه قال: جميع الطيور الطائرة (٦) .
القسم الثالث: إثبات الشيء ونفي نقيضه:
ومثاله قوله تعالى: {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ} (٧) , فإن الموت والحياة متضادان لا يرتفعان معا ولا يلتقيان فنفيُ أحدهما إثبات للآخر، وعلي هذا يكفي وصفهم بأنهم أموات لنعلم أنهم غيرُ أحياء إلا أنه هنا نفى الحياة وهو معلوم من وصفهم أولاً بالموت.