ومن هذه التعاريف يتبين أن المقصود من النمو هو التطور الذي يلاحظ على الإنسان من حيث التغيرات التي تحدث في بنيته الجسمية وطاقته العقلية وسلوكه الانفعالي وعلاقاته الاجتماعية.
٣- أهمية دراسة النمو
يمر الإنسان في حياته بسلسلة متعاقبة من مراحل النمو التي تبدأ بمرحلة التكوين (التخليق) وتنتهي بمراحل الشيخوخة وأرذل العمر كما يتضح ذلك في قول العزيز الحكيم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً}(١) .
وفي الحديث النبوي الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك, ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح, ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد, فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها, وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"(٢) .
وفي خلال مراحل النمو الإنساني المتعاقبة والمتباينة في خصائصها ومظاهرها يظل الإنسان بحاجة مستمرة إلى تربية وتعليم وتوجيه وإرشاد ونصح من هم أكبر منه سناً وأكثر خبرة وأقدر في هذه المجالات.