قال عمر بن دينار: "اجتمعت أنا والزهري ونصر بن عاصم، فتكلم نصر، فقال الزهري: إنه ليفلّق بالعربية تفليقاً".
ويعدّ نصر بن عاصم من علماء النحو المبرزين في زمانه، وقال بعض الرواة: إن نصر ابن عاصم "أول من وضع النحو وسببه".
وقال السيرافيّ: إنه "أوّل من وضع العربية".
وقال ابن النديم: "وقال آخرون: رسم النحو نصر بن عاصم".
وقال أبو البركات الأنباري: "وزعم قوم أن أول من وضع النحو نصر بن عاصم".
والحق أنه ليس أول من وضع النحو، كما زعم بعض الرواة، فقد برز قبله جماعة - كما تقدم - منهم عليّ بن أبي طالب وأبو الأسود، والصواب أنه من أول من أخذ النحو عن أبي الأسود، وفتق فيه القياس، وكان أنبل الجماعة الذين أخذوه عن أبي الأسود فنسب إليه - كما يقول القفطي.
ولعل من نسب إليه أوليّة النحو قصد نقط المصاحف الإِعجاميّ، وهو إكمال لصنيع شيخه أبي الأسود، أو أنه وضع شيئاً من النحو في كتاب، فقد روى ياقوت أنّ له كتاباً في النحو.
ولنصر بن عاصم تلامذة مشهورون في النحو كعبد الله بن أبي إسحاق الحضرميّ وأبي عمرو بن العلاء.
وقد يكون لتلمذة هؤلاء الأعلام عليه وأخذهم النحو عنه دور مباشر أو غير مباشر في نسبة وضع النحو إليه، فالمعتاد أن يعلي التلميذ من قدر شيخه.
خامساً: عبد الرّحمن بن هرمز (ت ١١٧ هـ)
يعد عبد الرحمن بن هرمز الملقّب بالأعرج من أشهر علماء الُّلغة والنحو في زمانه، وكان رأساً في هذا العلم، أخذ النحو عن أبي الأسود، واتصل بأكثر الصحابة علماً بالقرآن والحديث.
وإليه نسبت بعض الروايات وضع النحو في المدينة، قال أبو سعيد السيرافيّ: "اختلف الناس في أول من رسم النحو، فقال قائلون: أبو الأسود الدؤلي، وقال آخرون: نصر بن عاصم الدؤليّ ... وقال آخرون: عبد الرّحمن بن هرمز" (١) .
وروى السيرافيّ (٢) وأبو بكر الزبيديّ عن ابن لهيعة عن أبي النضر أنه قال: "كان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربية (٣) ".