وأكثر النحاة يذهب إلى أنه حرف، وصححه ابن عصفور. وذهب الخليل إلى أنه ضمير باق على اسميته، ومحل هذا الفصل المبتدأ والخبر ونواسخه، واختلفوا في وقوعه بين الحال وصاحبها، فمنعه الجمهور، وحكى الأخفش في الأوسط مجيء ذلك عن العرب، ومن قرأ {هَؤلاءِ بَنَاتي هُن أَطْهَرَ لَكُمْ}(١) بنصب أطهر لاحِنٌ عند أبي عمرو.
وقال الخليل: والله إنه لعظيم جعل أهل المدينة هذا فصلاً، وشرط الفصل أن يتقدمه معرفة.
وبهذا ندرك انفراد نحاة المدينة في هذه المسألة بأمرين:
أحدهما: تسميتهم هذا الضمير: صفة.
والآخر: أنهم أجازوا وقوعه بين الحال وصاحبها كما في القراءة السابقة، وندرك - أيضاً - أن الأخفش أجاز ذلك، فهل هو متأثر بما وقع له من مصنفات أهل المدينة في النحو، ككتاب عليّ الجمل؟.
لا يستبعد ذلك.
وأجاز المدنيون وقوع ضمير الفصل بين النكرة والمعرفة، قال سيبويه في باب "هذا باب لا تكون هو وأخواتها فيه فصلا"بعد أن مثل له بقوله: ما أظن أحداً هو خير منك، قال:"وأما أهل المدينة فينزلون هو هاهنا بمنزلته بين المعرفة، ويجعلونها فصلاً في هذا الموضع".
وأضاف سيبويه قائلا:"فزعم يونس أن أبا عمرو رآه لحنا وقال احتبى ابن مروان في ذِه في اللحن. يقول: لحن، وهو رجل من أهل المدينة، كما تقول اشتمل بالخطأ، وذلك أنه قرأ:{هَؤلاءِ بَنَاتي هُنَّ أَطْهَرَ لَكُمْ} فنصب.
وكان الخليل يقول: "والله إنه لعظيم جعلهم [أي المدنيين] هو فصلا في المعرفة وتصيرهم إياها بمنزلة (ما) إذا كانت ما لغوا؛ لأن هو بمنزلة أبُوهُ، ولكنهم جعلوها في ذلك الموضع لغواً كما جعلوا ما في بعض المواضع بمنزلة ليس، وإنما قياسها أن تكون بمنزلة كأنما وإنما".