ومواعظ وخطب الأئمة في الحقيقة درر في التاريخ الإسلامي، وفي تاريخ الدعوة السلفية، وهي الزاد بعد القرآن والسنة فإنها من معينهما مستقاة، وكما أنها زاخرة ومفعمة بالروحانية والأصالة هي كذلك قطع أدبية راقية نستشف منها منهاج الحاكم المسلم وتقواه وورعه وخطته السياسية، وأن الدولة المؤسسة على أساس العقيدة الخالصة كما قامت في القرون الأولى المفضلة، ها هي اليوم ننعم بظلالها ونتفيأ نعيمها، وكان من آثارها تلكم الحضارة الإسلامية الزاهية التي لا نظير لها في تاريخ الإنسانية، أمن مستتب، وعيش وارف، وتلاحم وولاء بين القيادة والشعب، وتناصر وتناصح..
إن الدين الحنيف صالح ولا زال وسيظل كذلك لتأصيل المناهج السياسية والاجتماعية والإصلاحية على معطياته، كما هو مشاهد في عهد الملك عبد العزيز والملوك الأماجد من أبنائه الميامين: سعود وفيصل وخالد وخادم الحرمين الشريفين فهد، وستظل كذلك إلى آخر الزمان، بل إن صلاح الدول ونهضة الأمة وصحوتها منوط بتمسكها بدينها القويم، وهديها المستقيم.
وعودة إلى سيرة الملك عبد العزيز رحمه الله وأصالة منهجه وعمق إيمانه بالله ومضاء عزيمته وهو من هو مكانة في القيادات الإسلامية التاريخية نلحظ أنه لم يحد عن منهجه.
فقد جاء في الوصية لولي عهده:
"تفهم أننا نحن والناس جميعا ما نعز أحدا ولا نذل أحدا، وإنما المعز والمذل هو الله سبحانه وتعالى، ومن التجأ إليه نجا، ومن اغتر بغيره - عياذ الله - وقع وهلك، موقفك اليوم غير موقفك بالأمس.