وفي الحقيقة فإن العلوم الشرعية على تعدد أبوابها واختلاف مدارسها يجب أن يتصدى لها فريق من الأمة تعلما وتعليما كما قال تعالى:{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}[التوبة: ١٢٢] ومن السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"[٣٧] .
وأيضا فإن قدرا من العلوم الشرعية لا يسع المسلم جهله مما هو معدود في الثقافة الشرعية يجب أن يتعلمها العامي ليؤدي فرائض دينه ويعرف الحلال والحرام ويقوم بالحقوق والواجبات تجاه الآخرين، لا سيما علم التوحيد والعقيدة وفي هذا يقول ابن بشر:"إن مسائل التوحيد ليست من المسائل التي هي من فن المطاوعة خاصة، بل البحث عنها أوتعلمها فرض لازم على العالم والجاهل، والمحرم والحل والذكر والأنثى"[٣٨] .
وهذا الأمر في الحقيقة جدير بأن يهتم له كل معلم ومربي وداعية وسائس وغيرهم من علماء المسلمين وولاتهم وعامتهم.
وقد نبه إلى ذلك أهل العلم كما في قول الشيخ محمد رحمه الله في مفتتح كتابه الأشهر الأصول الثلاثة:"اعلم رحمك الله أنه يجب علينا تعلم أربع مسائل (الأولى) العلم وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة. (الثانية) العمل به. (الثالثة) الدعوة إليه. (الرابعة) الصبر على الأذى فيه.."إلى آخر كلامه رحمه الله.