يقول العقاد:"وجلالته يبكر في الإفطار ويأمر بالغداء في الساعة الثانية عشرة ظهرا ولا يتأخر عشاؤه عن الساعة السادسة في المساء، ومواعيده في النوم واليقظة منتظمة في جميع المواسم والأوقات، فيستيقظ قبل الفجر ويقضي نحو ساعة في التهجد وقراءة القرآن ويصلي الفجر حاضرا، ثم يحيل بعض خاصته لإطلاعه على مهام الأمور التي تتطلب التعجيل ثم يغفي قليلا ويخرج للناس ومن عاداته بعد العشاء أن يصغي إلى فصول من كتب التفسير والحديث، أو كتب الأدب والتاريخ ثم تلقى عليه أخبار الإذاعة التي يتلقاها الموظف المنوط بها من أهم المحطات العربية والشرقية فيعقب عليها أحيانا تعقيبا موجزا يدل على بعد النظر وتتبع الأحوال السياسية في مشارق الأرض ومغاربها"[٤١] .
ويقول أيضا:"أربعة وخمسون عاما عاشها في المملكة لم يختلف في يوم منها برنامجه ونظامه إلا لطارئ من طواري الزمن، أربعة وخمسون عاما يتلى بين يديه ساعة معنية كل يوم منها فصل من التفسير، وفصل من التاريخ يختم على الأكثر بالمناقشة في أهم ما اشتمل عليه "[٤٢] .
وهذا البرنامج العلمي طيلة هذه السنون - ولا شك - كان كافيا لقراءة عشرات الكتب بين يديه في مختلف العلوم والفنون، وأضفى ذلك على شخصه المهيب مزيدا من الفضل والتبصر والحكمة.
والألطف والأعجب من هذا أن الملك عبد العزيز كان حتى في أسفاره قبل استعمال السيارات على هذا النهج - إذ كانوا يسافرون على الإبل والخيول - شديد الحرص على اصطحاب العلماء ليقرءوا عليه فصولا ضافية من كتب التراث الإسلامي، فمما يرويه سمو الأمير طلال بن عبد العزيز قال: يسيح الأربيون فيحملون في حقائبهم الكتب التي تروق لهم مطالعتها في ساعات السفر، وكذلك كان موكب والدي وهو يقطع تلك الفيافي ومعه الكتب الدينية والأدبية والتاريخية يطالعونها في النهار وفي الليل، أجل تراهم يسمرون في السرى فإذا ما طال الليل سمع عبد العزيز ينادي: