وحدة المجتمع وتماسكه ثمرة من ثمار العقيدة الوازعة والشريعة الحافزة، وفي ظل أحكام الشريعة الغراء تذوب العنصريات وتتلاشى النعرات الجاهلية، وينقاد الجميع لسلطان الدين، وتتوافر إثر ذلك العزائم والهمم وتتوجه نحو البناء والتكامل والتعاضد.
ذلك ما كان يصبو إليه الملك عبد العزيز وهو يعمل في إخلاص لتوحيد أجزاء البلاد، ولينعم المسلمون كافة بالأمن الوارف والعيش الرغيد والعون المتواصل وهم ييممون وجهتهم صوب الحرمين الشريفين للحج أو العمرة أو الزيارة..
يقول سمو الأمير طلال بن عبد العزيز:
"كانت أعمال عبد العزيز بعد توحيد الكلمة في نجد توجه بها إلى توسعة النهضة لتشمل سائر أرجاء البلاد وليس ذلك بقليل، بيد أن الدوائر السياسية التي كانت تسود الحجاز في ذلك العهد لم تكن على علم بالإصلاح الاجتماعي الكبير الذي تنطوي عليه نفس عبد العزيز الطامحة، أما هو فيعرف ما يريد، إنه كان قد خطط له وعزم على تنفيذه منذ أن فتح مدينة الرياض: جمع هذه الأمة تحت لواء واحد وإعادة الإسلام إلى جوهره الناصع وروحه الصافية، ففي أوائل ربيع الثاني سنة"١٣٤٣هـ"كان عبد العزيز يتأهب لمسيرته إلى الحجاز، وكان يتحدث إلى مودعيه ويقول: "ما أنا ذاهب للتسلط على البلاد وأهلها، لأن البلاد بلادي والأهل أهلي، وما أنا بينهم إلا داعيا بالأعمال قبل الأقوال، داعيا إلى توحيد الكلمة وجمع الصفوف ولم الشعث وإعادة الناس إلى فطرة الإسلام الصافية ومثلها العليا، وهذه البلاد بلاد مقدسة وهي لجميع المسلمين مفتوحة الأبواب لا فرق فيها بين مسلم ومسلم" [٦٠] .
ومن ثم فإن وحدة البلاد أساس وطيد من أسس النهج الراشد الذي سلكه الملك عبد العزيز، ومما يذكره في الوحدة الوطنية تسمية المملكة بعد توحيد أجزائها بـ "المملكة العربية السعودية"بموجب المرسوم الملكي في ١٧/٥/١٣٥١ هـ[٦١] .