* ولم أكن أنوي أن أوجه إلى الملك أسئلة لها اتصال مباشر بالموضوعات السياسية، ولكنه كان يشبع فضولي بمزيج من السماحة والصبر، ولذلك وجدت في نفسي الشجاعة لكي أسأله عن القضية التي تشغل بال العالم الغربي وهو ينظر في مستقبل الشرق الأدنى، ألا وهي قضية العروبة والقومية العربية، وسألت جلالته عن موقفه من هذه المسألة.
رد الملك قائلا: إن العروبة أمر أساس، وربما تكون الصورة المرغوبة للقومية العربية مشابهة لما هو سائد في الولايات المتحدة الأمريكية، في داخل هذا الاتحاد الفيدرالي سوف تحتفظ كل دولة عربية بحاكمها الخاص وصورتها الخاصة في الحكم والإدارة، ومع ذلك يجب أن يكون هناك جهاز مركزي ينسق بين الجهود الفردية للدول المختلفة وبهذا الطريق وحده ستحصل هذه الدول على القوة التي تفتقدها، وليست هناك أهمية كبيرة للشكل الخارجي لهذا الاتحاد، كما أنه ليس المهم من سيكون رئيسه أو أين ستكون سلطته المركزية، في بغداد أو في فلسطين، أو في أي مكان آخر، الشيء المهم هو أن العروبة يجب أن تصبح واقعا، إن الذين يعتبرونها مجرد خيال مخطئون وسوف تتحقق إن عاجلا أو آجلا إن شاء الله.
ومرة أخرى توقف الملك عن الحديث ورفع يده، وهنا جاء خادم بالشاي في أكواب سميكة وصغيرة، واحتسى الملك الشاي خلال عدة ثوان وأشار إلى الخادم بالانصراف وبعد ذلك استدار إليّ وطلب مني الاستمرار في الأسئلة.
* إذا واجهتكم مشكلة تتطلب الاختيار بين التزامكم بمبادئكم الدينية وبين القيام بعمل يمكن أن يؤدي إلى نجاح سياسي أو إلى تحقيق الازدهار لرعاياكم ولكنه لا يتفق مع القرآن الكريم، ما هو الطريق الذي ستختارونه في هذه الحالة؟.
سأختار بالطبع الطريق الذي يتفق مع عقيدتنا، لقد واجهت أكثر من مرة معضلات من هذا النوع ومع ذلك حاولت أن أعمل دائما وفقا لتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ولو كان ذلك يعني خسارة سياسية في ذلك الوقت.