قال المستشرق كنث:"وتظهر الأحكام السعودية قاسية كقطع يد السارق مثلا، ولكن هل يدري القارئ أنه منذ قرن كانوا يشنقون الرجل في انكلترا إذا سرق خروفا! ولا ينبغي أن يغيب عن أذهاننا أن قسما كبيرا من رعايا ابن سعود لا يزالون يعيشون على الفطرة بعيدين كثيرا عن حالة العمران، بل إن القبائل التي تقيم في الجانب الجنوبي من الصحراء المشهور باسم "الربع الخالي"والذي كان أول أوربي وصل إليه هو المستر "برترام توماس"في سنة ١٩٣١م ثم توغل فيه المستر "جون فلبي"في سنة ١٩٣٢م لا يفرقون كثيرا عن المتوحشين، فإذا استعمل ابن سعود الرحمة معهم فلا شك أنهم يسيئون فهمها ولا يقدرون قيمتها، ولهذا لا يفيدهم إلا الحاكم الجبار الذي يحكمهم بيد من حديد. وابن سعود شخصيا لا يحب القسوة، وهو ليس بالرجل الخشن القاسي في أحكامه، بل هو أحيانا يظهر اللين في غير موضعه!.
ولكنه لا يرحم أحدا إذا خالف الشريعة الإسلامية المقدسة، أو حاول الإخلال بالنظام، وكل نظام ديمقراطي سابق لأوانه قبل أن يتمكن من اخضاع امبراطوريته الشاسعة لإرادته وقبل أن يكون في وسع الإنسان أن يسير مطمئنا بمفرده دون أن يعترضه اللصوص وقطاع الطرق الذين كانوا فيما مضى لا يعرفون غير قطع رقاب المسافرين وسلبهم [١٦] .
د - الأمن الاجتماعي:
من الأعمال الجليلة التي قام بها الملك عبد العزيز في سبيل تحقيق الأمن الاجتماعي توطين البدو بمختلف السبل لتأليفهم تارة، وبالإكثار فيهم من المطاوعة بتعليمهم تارة، وبإنشاء الهِجَر تارة، وبربطهم بأسباب التحضر والتمدن تارة، "فبعد أن أخضع "جبل شمَّر""والإحساء" انبرى لمواجهة مشكلة البدو المزمنة وما درجوا عليه من شن الغارات على جيرانهم وعلى عابري السبيل والتنقل من مكان إلى مكان حسب مشيئتهم، وهو أسلوب للحياة ينعدم معه الأمن والاستقرار فعقد عبد العزيز العزم على وضع حد لهذا الأسلوب.