"كان الحجاز تحت حكم هذا الشريف - أي الشريف حسين - مرتعاً خصباً للنهب والسلب والقتل وقطع الطريق والاحتيال والنصب بمختلف الطرق الملتوية وأساليب الدجل والشعوذة. وكان الحج في عهده سلسلة من المشقات، بل كان نوعاً من المغامرة والمجازفة، بعد أن انتشرت جرائم الحرامية [٦١] وعصابات قطع الطريق على حجاج بيت الله الحرام، وكان الناس يُحَذِّرون المسافرين من أخطار الطريق، وكان مَنْ يُريدُ الحجّ يودِّع أهله وداع مفارق لا عودة له بسبب سوء حالة الأمن واضطرابه، وكانوا يقولون: "الذاهب للحج مفقود، والعائد منه مولود" [٦٢] .
ويقول حسن عبد الحي قزاز، موضِّحاً جوانب أخرى من حالات انعدام الأمن في الحجاز:
"باتت السرقة الفردية أمراً شائعاً وبخاصة في أراضي الحجاز، حيث كانت السرقات، وقطع الطرق، تمتد إلى البحر، فتضاف إليها القرصنة أيضاً.
ولا عجب في ذلك.. فسلطة الدولة العثمانية - وكذا الأشراف - ضعيفة إلى درجة العدم، والفقر يعض الناس بأنيابه الحادَّة، والمراكب المحمَّلة بالبضائع على شواطئ البحر الأحمر وقوافل حجاج بيت الله الحرام ما بين مكَّة المكرَّمة والمشاعر المقدَّسة والمدينة المنورة، كُلُّ ذلك كان سبباً
في انفلات حبل الأمن انفلاتاً تامّاً، وفي اتخاذ اللصوص أماكن آمنة في
مكَّة المكرمة ذاتها، فكان هناك جبل للصوص يلجأون إليه عندما يريدون تصفية حساباتهم.
وكانت القبائل - من جهتها - تحاول أن تحمي السارقين من أبنائها، بأن تجمع مالاً يعطى لصاحب الحق كي يتنازل عن حقه، أو تصالحه على التنازل عن بعضٍ منه..
إلى أن قال:
ويمكن إيجاز الوضع حتى عهد الملك عبد العزيز - يرحمه الله -