- لا أمن في البوادي على الإطلاق، والمغازي متبادلة بين القبائل، وصارت البندقية غالباً بديلاً عن السيف، وكان هَمُّ كُل قبيلة أن تحمي نفسها وأبناءها بالقوة حيناً، وبالمصالحة حيناً آخر، وبالمهادنة في بعض الأحايين.
- وكانت القرى البعيدة عن المدن هدفاً دائماً للغزاة من بعض البدو، ولذا فقد كان القرويون يبذلون جهودهم لحماية أنفسهم بإمكاناتهم الذاتية، ولكن الغلبة تكون أكثر الأحيان للغزاة؛ فلا أمان في الريف أيضاً.
- أمَّا في المدن؛ فقد كان الحال أفضل قليلاً، ولكن ليس إلى الحد الذي يجعل الناس يشعرون بالأمان، فالأجهزة الأمنية محدودة، وقليلة الخبرة، وعديمة الاكتراث..
وبوجهٍ عام عادت كل تقاليد الجاهلية في العلاقات بين القبائل، والريف، والحضر، ولكن تطبيقها بات يخضع لمفاهيم أخرى في معظم الأحيان.. وكانت الفوضى تضرب أطنابها، والرعب يسيطر على الجميع، والخوف هو السائد" [٦٣] .
هكذا كان حال الحجاز، وهكذا كان حال الأمن فيه: خوف، ورعب، وهلع، وعدم اطمئنان بين الناس، وانتشار لبعض العادات السيئة والمحرَّمة بينهم، كقطع الطريق، والسرقة، وغارة القبائل بعضها على بعض، وانتهاب الأموال، وعدم مراعاة حرمة الناس التي أمر الله تعالى بها.
كذلك ساد الخوف بين الحجَّاج، وخاصَّةً في الطرق المؤدِّية إلى مكَّة المكرَّمة؛ حيث كان بعض أبناء القبائل يمتهنون إيصال الحجَّاج إلى مكَّة، وتأمين الطريق لهم نظير مبلغ من المال، ولكن كان الأمن ينفلت من أيديهم لأسبابٍ كثيرة لعلَّ منها عدم قدرتهم على تأمين الطريق كاملاً، وكذا عدم إيفاء حقوقهم المالية المتفق عليها من قبل العثمانيين، أو الأشراف أو المطوفين في بعض الأحيان، أو من قبل الحجاج أنفسهم في أحيان أخرى.
ثانياً: نجد:
لم تكن نجد أحسن حالاً من الحجاز، فقد كانت تخضع لحكم
آل الرشيد بعد زوال حكم آل سعود فترة من الزمن عنها.