ولما كان قدوم الحجيج من بقاع مختلفة في العالم يكثر في بعضها انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، كان لابد من إنشاء المحاجر الصحية أو ما يسمى بالكورنتينات، وقد أنشأت الحكومة المصرية سنة ١٨٥٨م أول محجرٍ صحيٍ للحجاج في طريق الحاج بين مصر والبقاع المقدسة، وقد أقيم هذا المحجر في عجرود غربي السويس وذلك إثر انتشار الكوليرا في الحجاز، ثم تلاه محجر آخر في الوجه لحجاج القوافل، وفي الطور أو عيون موسى لحجاج البحر [٤٧] ، أما أول كورنتينة أنشئت في مكة فكانت سنة ١٢٨٨هـ بمنطقة الزاهر [٤٨] ، عندما انتشر وباء الكوليرا بالمدينة المنورة، ولكن هذه الكورنتينة كانت بصورة مؤقتة [٤٩] .
اهتمت المملكة العربية السعودية بالمحاجر الصحية فأنشأت إدارة خاصة بالمحاجر الصحية مركزها جدة، ويتبعها محاجر متعددة، وأكثر من اثني عشر مركزا صحيا في بلدان ساحل البحر الأحمر وحده [٥٠] ، كما حرصت المملكة على التعاون مع الهيئات العالمية والاستفادة من خبراتها وبخاصة في ميدان الوقاية من الأوبئة [٥١] .
كما وجه الملك عبد العزيز - رحمه الله - بضرورة العناية بالمحاجر الصحية وإصلاحها إصلاحا كاملا بأسرع وقت ممكن [٥٢] .
وقد قامت إدارة الصحة العامة بمراقبة الطائرات والبواخر قبل السماح لركابها من الحجاج وغيرهم من النزول إلى جدة، وتقوم بفحصهم فحصا طبيا، وتلقيح من لا يحمل وثائق التلقيح الدولية، وفي حالة وجود مصابين بأحد الأمراض المعدية، أو مشتبه في إصابتهم، تنقل جميع الركاب إلى جزيرة "أبي سعد"قرب جدة، والتي أصلحت وجهزت بآلات تقطير وماكينة كهرباء، لتكون مستعدة لقبول الحجاج، ويحجزون في الجزيرة تحت الملاحظة [٥٣] ، وينقل المرضى العاديون إلى المستشفيات لعلاجهم [٥٤] .