وهكذا تأتي هذه الكلمات البليغة في وقتها وفي اللحظات التي خشي فيها الملك عبد العزيز رحمه الله على أبناء أمته الانبهار بالوافد الضار من العقائد والأفكار وقد انهزم أمامه فئام مما أفقدهم ثقتهم بأنفسهم واعتزازهم بحضارتهم الإسلامية ومع هذا التحذير السديد فقد دعاهم إلى الحرص على الأخذ بالنافع أياً كان مصدره مادام لا يتعارض مع الدين والعقيدة وقد سار على نهج الملك عبد العزيز أبناؤه من بعده فوعوا المسؤولية وعلموا أسباب الخطر فحصنوا شباب هذه البلاد ضد تلك التيارات التي استهدفت عقيدة المسلمين وكيانهم والله غالب على أمره وناصر دينه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[٢٨] .
وفي ١٣٥٠هـ قال رحمه الله أمام كبار الحجاج في القصر الملكي بمكة وهو يتحدث عما كانت عليه المملكة قبل توحيدها، وتحكيم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في ربوعها:".. ولا يخفاكم أيضا ما كان فيه من سفك الدماء، وعمل المعاصي وعدم الأمن، فلما ولانا الله عملنا ما نستطيع ونحن عباد مستعبدون لله، ليس لنا طريقة وليس لنا مذهب غير الدين الحنيف، وهذا كتاب الله بين أيدينا، وهذا شرع الإسلام نتبعه، أما خوض الرجال فإن كان من جهة الدين واعتراضهم عليه فالحق ما جاء في كتاب الله، والذي يكتم الحق ملعون، وكل أمر خالف الدين متروك، أما عن السلف الصالح من الخلفاء الراشدين أو الأئمة الأربعة المهتدين فإننا نتبعهم ومن كان عنده غير ذلك يبينه لنا حتى تقوم الحجة"[٢٩] .