يقول كشك:"ولاشك أن أولى المحاولات، هي المحاولة السعودية التي بدأت في القرن الثامن عشر واستطاعت أن تتجدد في مطلع القرن العشرين فقد كانت... أقوى وأبرز طرح للحل الإسلامي في ظروف الهزيمة الشاملة للمسلمين أمام الغزوة الأوروبية التي لم يكن احتلالها العسكري هو أخطر أسلحتها بل محاولة إقناع المسلمين بأن الإسلام قد انتهى عصره وأن التغريب هو حتمية التاريخ فاستطاع السعوديون بدعوة محمد بن عبد الوهاب تأخير التغريب مئة عام رغم هزيمتهم كما استطاعوا أن يطرحوا أول وأكمل ثورة عربية وذلك بطرحها في صيغتها الشرعية أعني العروبة الملتحمة بالإسلام لا المتمردة ولا المتآمرة على الإسلام... إذ استطاع رجال لا ينتمون لعزوة قبلية ولا إلى دولة غنية ولا إلى خلفية حضارية أن ينفضوا غبار التاريخ عن بيئتهم ومجتمعهم ووطنهم وأن يشغلوا العالم بالمسألة السعودية والحل الإسلامي... وإذا بالسعوديين يهبون مرة أخرى بقيادة عبد العزيز فيطرحون الحل الإسلامي وينتصرون بل يكون نصرهم هو النصر الوحيد على الساحة العربية، إن لم نقل في العالم الثالث حتى النصف الثاني من القرن العشرين فهم وحدهم نجحوا في إقامة كيان مستقل خارج السيطرة المباشرة للاستعمارية الغربية [١٣] ، إذاً جاء الملك عبد العزيز وهو موقن أنه لا نصر ولا تمكين إلا بتحكيم شرع الله وهو الهدف الرئيسي والغاية القصوى لقيام الدولة السعودية.
يقول رحمه الله في خطاب له سنة ١٣٤٩ هـ "... وإنكم تعلمون أن أساس أحكامنا ونُظمنا هو الشرع الإسلامي وأنتم في تلك الدائرة يعني مجلس الشورى أحرار في سن كل نظام وإقرار العمل الذي ترونه موافقاً لصالح البلاد على شرط أن لا يكون مخالفاً للشريعة الإسلامية لأن العمل الذي يخالف الشرع لن يكون مفيداً لأحد والضرر كل الضرر هو السير على غير الأساس الذي جاء به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم " [١٤] .