"... عدلُ ابن سعودٍ كلمةٌ تسمعها في البحر، وفي البر، وفي طريقك إلى نجد قبل أن تصل إليها، كلمة يرددها الركبان في كل مكان يحكمه سلطان نجد من الأحساء إلى تهامة ومن الربع الخالي إلى الجوف... أحكام الشرع... تنفذ في نجد بلا تردد ولا محاباة ولا مرافعات لولبيات طويلات، حكم ابن سعود لا يعرف في سبيل العدل كبيراً أو غنياً... وقف يوماً أحد... الحطابين ومعه أربعة جمال محملة ساومه قيمُ السلطان عليها فطلب الجمالُ روبيتين ثمن كل حمل وسعره الاعتيادي نصف روبية... فقال القيم وكان الجمال قد ولى بأحماله: ..."لولا الشيوخ والله لأدبته"، ولو كنا في معسكر تركي أو أوربي وكان الجيش بحاجة إلى الحطب فهل تظن أنهم كانوا يعاملون هذا الحطاب مثل هذه المعاملة... لولا الشيوخ لفعل الخدامون بالبدو الحطابين... الفعلات.. وإذا كان العدل أساس الملك فالأمن أول مظهر من مظاهر العدل. وفي نجد اليوم من الأمن ما لا تجده في بلادنا أو في أي بلاد متمدنة لا يظنني القارئ مبالغاً بما أقول.. القوافل تسير أربعين يوماً في ملك ابن سعود من طرف إلى طرف من القطيف مثلاً إلى أبها، أو من وادي الدواسر إلى وادي السرحان دون أن يتعرض لها أحد من البدو أو الحضر، دون أن تسأل من أين وإلى أين... كانت الطرق في الإحساء في عهد الأتراك لا تعبر إلا بقوة عسكرية أو بدفع "الخوة"وكانت الطريق بين العقير والحسا وهي طريق التجارة إلى نجد الأسفل، أكثرها وأشدها أخطاراً فكان التاجر العربي المسلم الذي يروم الوصول إلى الهفوف - مسافة أربعين ميلاً - يضطر أن يدفع "الخوة"كلما اجتاز خمسة أو عشرة أميال من هذه الطريق المخيفة، طريق التجار والأموال.
جاءها العجمان من الجنوب.
وبنو مرة من الربع الخالي.
والمناصير من قطر وما دونها.
وبنو هاجر من الشمال من نواحي القطيف والكويت.
وجاء من داخل البلاد من وراء الدهناء الدواسر الأشاوس.