للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا عرفنا من سيرته في الأيام العصيبة... أنه كان يبادر إلى ما في خزانته الخاصة وخزائن الدولة من مال فيأمر بالإنفاق منه على إطعام القبائل المجدبة أرضها وعلى الأفران تمون بالدقيق لتوزيع العيش (الخبز) على أهل المدن مجاناً لم نشك في أنه كان يعني ما يقول من أنه "أب"لأسرة...

كان عبد العزيز يصغي إلى الكبير والصغير من شعبه يستمع إلى أحاديثهم، ويشارك المسرور منهم في سروره، ويتوجع لألم المحزون، فينسون أنهم بين يدي ملك.. يتمتع بحقوق السيادة.. ولا يشعرون إلا بأنهم بين يدي أب طالما قال.. وبرهن على القول بالفعل الكبير منكم أخ لي والصغير من أبنائي.

والذين كانوا يخاطبون الملك بلقبه الرسمي، إنما هم الأقلون عدداً في رعيته، أما السواد الأعظم فكان يدعوه بأحب النعوت إليه: يا طويل العمر، أو: يا أبا تركي وبعضهم ينادونه باسمه مجرداً من النعوت والألقاب. يا عبد العزيز ويجيبهم مبتسماً أو مصغياً ولا يراهم قد خرجوا عن حدود الأدب معه، ذلك لأنه في طويته لم يكن يعبأ بالألقاب فضلاً عن كراهيته للملق والتكلف واصطناع التأدب.

فإذا قلنا إن الملك عبد العزيز كان "ديمقراطياً"في جبلته التي فطر عليها فكل خلق فيه، وكل خبر عنه يؤيد هذا القول. لقد عاش وهو يرعى أفراد شعبه من خاصة وعامة رعاية الأب أبناءه، ويراهم أسرته التي هو كبيرها وعليه أن يعولها قبل أن تبايعه بالملك وبعد البيعة" [٣٠] .

ويقول الريحاني وهو يصف أول لقائه للملك عبد العزيز: "... وكانت المشاهدة الأولى على الرمل تحت السماء والنجوم، وفي نور النيران المتقدة حولنا، ألفيته رجلاً لا يمتاز ظاهراً بغير طوله، وكان يلبس ثوباً أبيض، وعباءة بنية وعقالاً مقصباً فوق كوفية من القطن حمراء.