أين أبهة الملك، وفخفخة السلطنة إنك لا تجدها في نجد وسلطانها وإن أول ما يملكك منه ابتسامة هي مغناطيس القلوب، لست أدري كيف حييته وأنا في دهشة وابتهاج من تلك المفاجأة الكبيرة.
ويصف شعوره نحو الملك عبد العزيز فيقول:"ها قد قابلت أمراء العرب كلهم فما وجدت فيهم أكبر من هذا الرجل، لست مجازفاً أو مبالغاً فيما أقول فهو حقاً كبير، كبير في مصافحته، وفي ابتسامته، وفي كلامه، وفي نظراته وفي ضربه الأرض بعصاه، يفصح في أول جلسة عن فكره، ولا يخشى أحداً من الناس بل يُفْشِي سره، وما أشرف السر، سر رجل يعرف نفسه، ويثق بعد الله بنفسه "حنا العرب"إن الرجل فيه أكبر من السلطان، وقد ساد قومه ولاشك بالمكارم لا بالألقاب جئت ابن سعود والقلب فارغ من البغض ومن الحب كما قلت له فلا رأي الإنكليز، ولا رأي الحجاز، ولا الثناء، ولا المطاعن أثرت فيّ وها قد ملأ القلب ملأه حباً في أول جلسة جلسناها إني سعيد لأني زرت ابن سعود بعد أن زرتهم كلهم - ملوك العرب - هو حقاً مسك الختام".
ويقول أيضاً:"إذا ضرب الأرض بعصاه مرة يلمس القلب منك عشر مرات"[٣١] ومن أقوال الملك عبد العزيز التي يجسد فيها قوة التلاحم بينه وبين شعبه والأسس المتينة التي قامت عليها هذه العلاقة.
قوله:"يسرني دائماً الاجتماع بكم، والتحدث إليكم لما في الاجتماع من فوائد ولأن في الاجتماع أكبر المصالح إلا أني لا أود التكليف على الناس وتعطيلهم عن أشغالهم لما في ذلك من ضرر، وإن أشد ما يؤلمني ما كان فيه أقل ضرر على شعبي وبلادي فإذا كلفنا عليكم اليوم فلا نقصد بهذا إلا التناصح والنظر فيما فيه مصلحة الأمة والبلاد... إننا نعرف مبلغ تمسك شعبنا بنا وقد أوقفنا أنفسنا للدفاع عنه بأنفسنا وأولادنا وأموالنا، فلا يرى منا إلا كل ما يسر الخاطر والإخلاص يدعونا أن نبين لأمتنا ما عندنا وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله..."[٣٢] .