وقد كان لنظام الشورى الذي اتخذه الملك عبد العزيز - رحمه الله - واقتفى أثره من بعده أبناؤه البررة، أكبر الأثر فيما تعيشه المملكة من تطور كبير في شتى المجالات، قائمٌ على التعاون بين ولاة الأمر والمواطنين، ومن خلال هذا المبدأ اكتسبت المملكة الصدق والوضوح والتثبت في كافة تعاملها مع الآخرين.
المبحث الثامن: توطين البادية والمؤاخاة بين القبائل:
كان المجتمع القَبَلِي في الجزيرة العربية - قبل عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - يغلب عليه التنافس والتنازع، فكُلُّ قبيلة لها زعامة مستقلة، وتتنافس مع القبيلة المجاورة لها في موارد المياه وأماكن الرعي. وبين هذه القبائل من العداوة والمعارك والأخذ بالثأر، مَا يجعل الحروب لا ينطفئ لهيبها وبدلاً من الوحدة والائتلاف، كان الشِّقَاق والنزاع بينها لا نهاية له،
ولا حدود.
وكان من أهم خصائص البادية في ذلك الوقت ميلهم إلى الحُرِّية المطلقة، وعدم الخضوع لأي أنظمة سوى أعراف القبيلة وقوانينها.
يقول فهد المارك:" إنَّ مَنْ يعرف العهد الماضي الذي عاشه أولئك البدو، كيف كانت عليه حياتهم الاجتماعية التي موجز ما يُقَال عنها، أنَّها قامت على التعصُّب القَبَلِي الجاهلي الأعمى، وافتراس قويّهم لضعيفهم، واستباحة ما يقع بأيديهم عن طريق ما يُعْرَف بالغزو ... "[٥٥] .
ونظراً لكون البدو يُشَكِّلون نسبة كبيرة من سُكَّان شبه الجزيرة، وأنَّ لذلك خطره على مبادئ الدَّعْوَة السَّلَفِيَّة؛ حيث أنَّهم ورثوا تقاليد وعادات تتنافى مع العقيدة الصحيحة.