وقال شارح العقيدة الطحاوية (١) : "وقد ساق البخاري رحمه الله قصة قتل عمر رضي الله عنه وأمر الشورى والمبايعة لعثمان في صحيحه، فأحببت أن أسردها كما رواها بسنده عن عمرو بن ميمون، فسردها، وفيها أن عمر قال: "ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط.. "فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن، يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء، كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمرة سعدا فذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة "إلى قوله: "فلما فرغ من دفنه، اجتمع هؤلاء الرهط، فقال: عبد الرحمن بن عوف: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، قال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن، فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه، فأسكت الشيخان، فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله علي أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم، فأخذ بيد أحدهما، فقال: لك قرابة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقدم في الإسلام ما قد علمت، فبالله عليك لئن أمرتك لتعدلن؟ ولئن أمرت عليك لتسمعن ولتطيعن؟ ثم خلا بالآخر، فقال: له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق، قال: ارفع يدك يا عثمان، فبايعه، وبايع له علي، وولج أهل الدار، فبايعوه"
وذكر شارح الطحاوية رواية البخاري الأخرى عن حميد بن عبد الرحمن عن المسور بن مخرمة، وفيها قوله:"فلما ولوا عبد الرحمن أمرهم مال الناس إلى عبد الرحمن، حتى ما أرى أحدا من الناس يتبع أولئك الرهط "
وفيها أن عبد الرحمن قال:"أما بعد يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا ".
(١) شرح العقيدة الطحاوية، لابن أبي العز، تحقيق وتعليق الدكتور عبد الله التركي، وزميله، ص٧١٢-٧٢٠