للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال في فتح الباري: "ويؤخذ منه بطلان قول الرافضة وغيرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نص على أن الإمامة في أشخاص بأعيانهم ... ففي رضا الجميع بما أمرهم به، دليل على أن الذي كان عندهم من العهد في الإمامة أوصاف، من وجدت فيه استحقها، وإدراكها يقع بالاجتهاد، وفيه أن الجماعة الموثوق بديانتهم، إذا عقدوا عقد الخلافة لشخص بعد التشاور والاجتهاد، لم يكن لغيرهم أن يحل ذلك العقد، إذ لو كان العقد لا يصح إلا باجتماع الجميع، لقال قائل لا معنى لتخصيص هؤلاء الستة، فلما لم يعترض منهم معترض بل رضوا وبايعوا، دل ذلك على صحة ما قلناه". وذكر ابن العربي المالكي بأنه: "لو عقده بعضهم لجاز، ولم يحل لأحد أن يعارض ".

ذكر ابن حجر من زيادة المدايني أن عمر: " قال لأبي طلحة: إن الله قد نصر بكم الإسلام، فاختر خمسين رجلا من الأنصار واستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلا منهم "، وذكر ذلك السيوطي عن أنس قال:"أرسل عمر إلى أبي طلحة الأنصاري قبل أن يموت بساعة، فقال: كن في خمسين من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى، فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت، فقم على ذلك الباب بأصحابك فلا تترك أحدا يدخل عليهم، ولا تتركهم يمضي اليوم الثالث حتى يؤمروا أحدهم". وقال ابن حجر: "وفيه أن الشركاء في الشيء إذا وقع بينهم التنازع في أمر من الأمور، يسندون أمرهم إلى واحد ليختار لهم، بعد أن يخرج نفسه من ذلك الأمر" وقال ابن المنير: "في الحديث دليل على أن الوكيل المفوض له أن يوكل وإن لم ينص له على ذلك، لأن الخمسة أسندوا الأمر لعبد الرحمن وأفردوه به فاستقل مع أن عمر لم ينص لهم على الانفراد".

ففي القصة نرى أن عمر رضي الله عنه بين مفهوم الجماعة ومعناه، والتزمت الأمة به، حتى صار عبد الرحمن وحده هو الجماعة، فقال لعلي:"فلا تجعلن على نفسك سبيلا "قال ابن حجر: "أي من الملامة، إذا لم توافق الجماعة". .