وبيان عمر رضي الله عنه لمفهوم الجماعة ومعناها، وهو الخليفة الراشد، الذي أمرنا بالاقتداء به، كما في حديث حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتدوا باللَّذين من بعدي: أبي بكر وعمر " رواه أهل السنن، يفيد العلم الضروري والاعتقاد الصحيح، بأنه المراد شرعاً كما قرره الإمام الطبري.
ونذكر موقفا لعبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، يؤكد معنى الجماعة المراد شرعاً، الذي بينه عمر رضي الله عنه، وقرره ابن جرير الطبري، رحمه الله، فيما رواه مسلم عن نافع قال: جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع (بن الأسود العدوي القرشي) حين كان من أمر الحرة ما كان، زمن يزيد بن معاوية، فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة، فقال: إني لم آتك لأجلس، أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"من خلع يدا من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية"(١) .
وعبد الله بن مطيع كان ممن خلع يزيد وخرج عليه، وكان يوم الحرة قائد قريش، كما كان قائد الأنصار عبد الله بن حنظلة الأنصاري، إذ خرج أهل المدينة لقتال الجيش الذي بعثه يزيد لقتالهم وأخذ البيعة له، فظفر أهل الشام بأهل المدينة، وكان ما كان من أمر الحرة، من الفتن والمفاسد، بسبب خلعهم أيديهم من طاعة يزيد وعدم بيعتهم له، وقد انعقدت له الإمامة، بوصية الإمام قبله أمير المؤمنين معاوية، وبايعه من بايعه لذلك، وأصبح الذين في طاعته هم الجماعة.
(١) صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، ٢/١٤٧٨، رقم الحديث ٥٨/١٨٥١.