وهؤلاء الجماعة الباقية على القيام لله بحجته الرسالية، التي بعث بها محمدا ز، هم الذين يلتزمون وصية رسول الله عليه وسلم، بالاعتصام بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده، ويتبعونها ظاهرا وباطنا، عند حدوث الاختلافات الكثيرة، كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا:يا رسول الله! كأنها موعظة مودع، فأوصنا، قال:"أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة" رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وكما في حديث حذيفة فيما أخرجه البخاري ومسلم، في صحيحيهما، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال:"كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت يا رسول الله: صفهم لنا. قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت فماذا تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين، وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرقَ كلَّها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك "(١)
وفي هذا الحديث دلالة على استمرار وجود الجماعة وإمامهم، رغم غلبة الشر.