فليس معنى تجديد الدين، أن يؤتى بدين جديد، فإن الدين عند الله هو الإسلام، الذي أنزل الله فيه على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، يوم عرفة في حجة الوداع قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلامَ دِيناً} فقد أكمله وأتم به نعمته، فلا يزيده ولا ينقصه أبدا، ورضيه فلا يسخطه أبدا.
إذا: هذه الجماعة لا يزال وجودها مستمرا، ما وجد المسلمون، وإن تفرقوا إلى فرق، فإن ذلك لا يعني عدم وجود الواحدة، المستثناة، التي هي الجماعة، فلا يزال وجود الجماعة مستمراً، إلى قيام الساعة، أي ساعة المؤمنين، بقبض أرواحهم، لأن أمة محمد صلى الله عليه وسلم، لا تجتمع على ضلالة، فلا تجتمع على التفرق في الأهواء الشركية أو البدعية، بل لابد أن تكون منها جماعة على التوحيد والسنة، كلما مضت خلفتها جماعة أخرى على هذا المنهج الحق، إلى قيام الساعة كما تقدم إيضاحه. وبهذا نكون قد أنهينا مباحث الفصل الأول، في مفهوم الجماعة، فإلى الفصل الثاني في موقع الدول السعودية من صفة الجماعة.
الفصل الثاني
موقع الدول السعودية من صفة الجماعة
إذا تقرر العلم باستمرار وجود جماعة المسلمين، في كل زمان إلى قيام الساعة، كلما مضت جماعة خلفتها أخرى، فمن ذلك وجود الجماعة السعودية، وأئمتها المجددين، القائلين بكلمة التوحيد، القائمين على تطبيق مقتضاها من شريعة الله، بعون الله وتوفيقه، المتبعين لمنهج أهل السنة والجماعة، فالجماعة السعودية، في دولها المتعاقبة، عرفت منذ إشراقة تاريخها، بتحقيق التوحيد، الذي هو حق الله على العبيد، وبتجديد ما اندرس من معالمه، وبعقد الجماعة عليه، وعلى ذلك قامت دولهم، وعرفت كل دولة منها في العالم كله، بأنها دولة التوحيد.