وكان آل سعود قبل قيامهم بنصرة التوحيد، لا يختلفون عن كثير من الأسر النجدية الأخرى، كآل معمر في العيينة، وآل دواس في الرياض، وغيرهم.
فلما أنعم الله بقيامهم بنصرة التوحيد أشرق نور تاريخ حكمهم القوي الصالح وبفضل الله تعالى تمكنوا ـ في أقل من عشرين سنة ـ من أن يجددوا ما اندرس من معالم الجماعة، وأن يمدوا سلطان دولة التوحيد السعودية، من الشام والعراق شمالاً، حتى اليمن جنوباً، ومن البحر الأحمر غرباً، حتى الخليج العربي شرقا، ووصل نفوذ دولتهم وأثرها الطيب خارج جزيرة العرب، وصارت القبائل العربية تدفع إليها الزكاة، وقد كانت أوائلها تمتنع من دفعها لأبي بكر، ولكن جعل الله لهم الإمامة في الدين، والاستخلاف في الأرض، كما استخلف الذين من قبلهم، رغم كثرة الخصوم وشراستهم، من الملوك والأمراء وعلماء السوء، وأهلك الله هؤلاء الخصوم وأزال ملكهم وورثه أنصار التوحيد من آل سعود.
فكأن ذلك العهد العظيم، الذي جرى بين الأمير محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، بأن يكون الدم بالدم، والهدم بالهدم، من أجل إظهار دين الله ونصرته، هو ترجمان هذا الالتحام المصيري القدري، للأسرة السعودية المباركة بعقيدة السلف الصالح، التحاماً أصبح مرتكز دولتها، ومبدأ حكومتها، ومعقد الجماعة عليها.
ولذا فإن المسلمين على الحقيقة، لا ينسون لهذه الأسرة السعودية تاريخها المجيد ولا يرتابون في صدق وفائها للإسلام والمسلمين، ولا يمكن أن تطمئن نفوسهم بذلك لغيرهم، نلمس ذلك من شهادة الأحداث التاريخية، والوقائع الكونية، شهدوا مراراً غياب هذه الأسرة عن الحكم، فرأوا ضعف العقيدة الإسلامية، والغدر لمنهج الشريعة، والتفرق وعدم الأمن والاستقرار، وذاقوا ذل العسف الجائر، وطغيان الظلم المظلم.