ثم خلف الإمام سعود ابنه الإمام عبد الله، "فسار سيرة والده، إلا أن اخوته لا يوافقونه على إرادته، وكان لا يخالفهم، ونازعه أخوه فيصل بن سعود، فكان يأمر وفيصل يأمر، فتفرقت كلمتهم، وضعفت شوكتهم، ونفر منهم فئام من العرب، واتسع الخرق في قوتهم، فحاربتهم الدولة المصرية، وانحاز إلى المصريين أكثر العرب من نجد والحجاز واليمن والعراق والشام "، وبسبب الذنوب، وضعف تحقيق التوحيد والسنة والجماعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتفرق أنصار التوحيد فيما بينهم، ضعفت القوة بعد أن كانت مجتمعة موحدة، فطمع الأعداء وتوالت الحملات المصرية التركية في زحفها على أهل التوحيد والسنة والجماعة إلى أن وصلت تلك الجيوش الظالمة الدرعية وبعد حصار وقتال استمر سنة كاملة، استسلم الإمام عبد الله، عام ١٢٣٣هـ، وقتل في تركيا شنقاً رحمه الله تعالى، ولم تطل مدة حكمه أكثر من أربعة أعوام، كما قتل في الدرعية الشيخ سليمان بن عبد الوهاب رحمه الله، صاحب تيسير العزيز الحميد، شرح كتاب التوحيد، وقتلوا من قتلوا، وأسروا من أسروا، حقدا على العلماء، وأهل السنة والجماعة.
قال الشيخ عبد العزيز بن معمر شعرا:
وكم قتلوا من عصبة الحق فتية
هداة وضاة ساجدين وركعا
وكم دمروا من مربع كان آهلاً
فقد تركوا الدار الأنيسة بلقعا
إلى أن قال:
عسى وعسى أن ينصر الله ديننا
ويجبر منا اليوم ماقد تصدعا
إلى قوله:
إلهي فحقق ذا الرجاء وكن بنا
رؤوفا رحيما مستجيبا لنا الدعا (١)
وقد استجاب الله الدعاء، وحقق الرجاء، كما سنبينه فيما يأتي، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(١) عنوان المجد في تاريخ نجد، لابن بشر: ٢/٣٤،٣٥، وفي ط المعارف ص٤٣-٤٥.