للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهذا قامت دول صغيرة متناثرة في أطراف جزيرة العرب على امتداد التاريخ الإسلامي، إلى قيام الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-، والإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-، فاهتمت الدولة السعودية الأولى بنشر الأمن في كافة البقاع التي تخضع لسلطانها، وانتشر القضاة من تلاميذ الشيخ وتلاميذ تلاميذه في أنحاء الجزيرة العربية، وكان القضاء في عصرهم كما كان في العهد النبوي والعصر الأموي، يجلس القاضي في المساجد أو في الأماكن المحددة له من قبل الإمام، ويفصل بالقضية شفاهاً بحضور الخصوم، وتحصل القناعة من قبل أطراف الدعوى، ناهيك بقلة الكتاب والكتبة في تلك العصور الماضية.

وعلى هذا المنوال نسجت الدولة السعودية الثانية.

أمّا في عهد الملك عبد العزيز خاصة بعد فتحه لمدينة الرياض، واستعادته لملك آبائه وأجداده، وانشغاله في الغزوات الجهادية لتحرير الجزيرة العربية من الجهل والفقر والخوف، واستغرقت هذه الجهود المباركة ردحاً من الزمن، لذا أرى أنه لابد من تقسيم تاريخ ولاية التوثيق إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى: التوثيق قبل تدوين النظم:

وتبدأ هذه المرحلة من تاريخ فتح الرياض ٥/١٠/١٣١٩هـ، وتنتهي بفتح الحجاز وقيام مؤسسات الدولة الحديثة، على أنظمة متنوعة شاملة، لكافة أعمال الدولة في شتى مؤسساتها الإدارية في ذلك الوقت، وقد اتسمت هذه المرحلة الماضية، وهي مرحلة تأسيس الدولة، بصفات خاصة بها، أملتها الظروف المحيطة بها، وهي مرحلة الغزوات الجهادية لتحرير الأراضي السعودية من المحتلين والطامعين وغيرهم.