وقد حرص الملك عبد العزيز على الأخذ بهذا الموضوع، ودليل حرصه أنه أسند الأمر إلى ابنه فيصل -رحمه الله- ولأهميته في نفسه بدا للباحث أن الملك عبد العزيز كان يخطط في قرارة نفسه لتطوير الإنتاج الصناعي والزراعي، فهذا الاشتراك في المعرض الدولي يؤكد النية على المضي في بناء المستقبل سعياً إلى التقدم والتطور في مجالات هي عصب الحياة، وبالتالي الاعتماد - بعد الله - على النفس والوصول إلى الاكتفاء الذاتي.
وحصل الاكتفاء - بحمد الله - في المجال الزراعي، فأصبحت الدولة مصدرةً للحبوب إلى جميع أنحاء العالم وبأسعار تنافس الأسعار العالمية.
كما أن الاشتراك في المعارض الدولية له ثمرة في ربط الدولة بمعاهدات ثقافية وتجارية، وتبادل دبلوماسي، فإن الملك عبد العزيز -يرحمه الله- كان شديد الربط بين الدين والدنيا ومصالح الأمة وبين بقية الدول الإسلامية والعربية وغيرهما.
و نماذج تطبيقية:
أولاً: دار الحديث بمكة المكرمة.
لقد أجاب الملك عبد العزيز برسالة مباركة طيبة إلى الشيخ عبد الظاهر أبو السمح الذي كان إمام وخطيب المسجد الحرام، عندما طلب منه الموافقة على إنشاء دار لدراسة الحديث الشريف إجابة تنم عن حرص على تحقيق التقدم العلمي والإنجاز. فجاء الجواب يحمل مبادئ وأسساً إسلامية منها:
١ - نبَّه الملك المربي المؤسس إلى أن اختلاف الناس في أمور دينهم ليس من الشرع في شيىء، بالإضافة إلى تفشي الجهل والفساد.
٢- بيّن أن الأئمة الأربعة هم من علماء السلف وإن اختلفوا في الفروع؛ لأنها اجتهادات مبنية على إخلاص القصد لله وإخلاص المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم.
٣ - أوضح أن كتاب الله -تعالى- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هما المرجعان الأوحدان في الأمور كلها، فما ثبت في الكتاب والسنة المطهرة، فهو الحق، وما لا فلا.
٤ - أوصى بالأخذ بمذهب الإمام أحمد -رحمه الله-، من غير أن يعاب على الأئمة الباقين.